للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبسا على الآخر فالآخر من وَلَده، فَقَالَ: إِنَّمَا أَقْْضِي وَلست أُفْتِي، قَالَ: فناشدته، فَقَالَ: لَا حبس عَن فَرَائض الله. وَهَذَا لَا يسع الْقُضَاة جَهله، وَلَا يسع الْأَئِمَّة تَقْلِيد من يجهل مثله، ثمَّ لَا يُنكر عَلَيْهِ مُنكر من أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَلَا من تابعيهم. وَعنهُ: عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- بَعْدَمَا أنزلت سُورَة النِّسَاء وَأنزل فِيهَا الْفَرَائِض - نهى عَن الْحَبْس ".

فَإِن قيل: فقد روى مُسلم: عَن ابْن عمر، عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " أصبت أَرضًا من أَرض خَيْبَر، فَأتيت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَقلت: إِنِّي أصبت (أَرضًا) لم أصب مَالا أحب إِلَيّ وَلَا أنفس عِنْدِي مِنْهَا، فَقَالَ: إِن شِئْت تَصَدَّقت بهَا، فَتصدق بهَا عمر على أَن لَا تبَاع وَلَا توهب فِي الْفُقَرَاء، وَذَوي الْقُرْبَى، والرقاب والضيف، وَابْن السَّبِيل، لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ غير مُتَمَوّل "، وَفِي رِوَايَة: " إِن شِئْت حبس أَصْلهَا لَا تبَاع وَلَا توهب ".

قيل لَهُ: لما شاور النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَقَالَ (لَهُ) : " حبس أَصْلهَا وسبل الثَّمَرَة ". يحْتَمل أَن يكون مَا أمره (بِهِ) من ذَلِك يخرج بِهِ من ملكه. وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لَا يُخرجهَا عَن ملكه وَلكنهَا تكون جَارِيَة على مَا أجراها (عَلَيْهِ من ذَلِك مَا تَركهَا) ، وَيكون لَهُ فسخ ذَلِك مَتى شَاءَ، كَرجل جعل لله أَن يتَصَدَّق بثمرة نخله مَا عَاشَ، فَلَا يجْبر عَلَيْهِ وَلكنه مُخَيّر فِي ذَلِك إِن شَاءَ أنفذه وَإِن شَاءَ تَركه. وَلَيْسَ فِي بَقَاء حبس

<<  <  ج: ص:  >  >>