للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَلم يذكرُوا فِيهِ عَن جَابر، وَأَنْتُم لَا تحتجون بِعَبْد الْوَهَّاب فِيمَا يُخَالف فِيهِ الثَّوْريّ ومالكا. ثمَّ لَو لم يتنازع فِي طرق هَذَا الحَدِيث، وسلمت على هَذِه الْأَلْفَاظ الَّتِي قد رويت عَلَيْهَا، لكَانَتْ مُحْتَملَة للتأويل الَّذِي لَا يقوم لكم حجَّة مَعَه.

وَذَلِكَ أَنكُمْ إِنَّمَا رويتم أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد، وَلم يبين فِي الحَدِيث كَيفَ كَانَ (ذَلِك) السَّبَب، وَلَا المستحلف من هُوَ، فقد يجوز أَن يكون ذَلِك على مَا ذكرتكم، وَيجوز أَن يكون (أُرِيد) يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ إِذا ادّعى الْمُدَّعِي وَلم يقم على دَعْوَاهُ إِلَّا شَاهدا وَاحِدًا فاستحلف لَهُ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الْمُدعى عَلَيْهِ (فَنقل النَّاس ذَلِك ليعلم النَّاس أَن الْمُدَّعِي تجب لَهُ الْيَمين / على الْمُدعى عَلَيْهِ) ، وَلَا يحْتَاج إِلَى إِقَامَة الْبَيِّنَة أَنه قد كَانَ بَينه وَبَين الْمُدعى عَلَيْهِ خلْطَة (وَلبس، وينفي) قَول من ذهب إِلَى ذَلِك وَيثبت الْيَمين مَعَ الدَّعْوَى، وَإِن لم يكن مَعَ الْمُدَّعِي غَيرهَا. وَقد يجوز أَن يكون أَرَادَ بذلك يَمِين الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد، لِأَن شَهَادَة الْوَاحِد كَانَ مِمَّن يحكم بِشَهَادَتِهِ وَحده وَهُوَ خُزَيْمَة بن ثَابت، فَإِن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ قد عدل شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ وَادّعى الْمُدعى عَلَيْهِ الخروح من ذَلِك الْحق إِلَى الْمُدَّعِي فاستحلفه النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] على ذَلِك، وَأُرِيد بِنَقْل هَذَا الحَدِيث ليعلم أَن الْمُدَّعِي إِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة على دَعْوَاهُ، وَادّعى الْمُدعى عَلَيْهِ الْخُرُوج من ذَلِك الْحق إِلَيْهِ أَن عَلَيْهِ الْيَمين مَعَ بَينته، فَهَذَا وَجه يحْتَملهُ. فَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَأْتِي إِلَى خبر قد احْتمل هَذِه التأويلات فيعطفه على أَحدهَا بِلَا دَلِيل من كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع، وَيَزْعُم أَن من خَالف ذَلِك مُخَالف لرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَكَيف يكون مُخَالفا وَقد تَأَول ذَلِك على معنى يحْتَمل مَا قَالَ، بل مَا خَالف إِلَّا تَأْوِيل مخالفه وَلم يُخَالف شَيْئا من حَدِيث رَسُول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>