كَانَ مغرورا) . فعلمهم بِهَذَا الحَدِيث مَا علمهمْ بِحَدِيث سَمُرَة وَنفى أَن يكون الْمَغْرُور الَّذِي يشكل حكمه عِنْد الْعَامَّة يسْتَحق بذلك الْغرُور شَيْئا.
فَإِن قيل: فقد رُوِيَ عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: " أَيّمَا رجل بَاعَ سلْعَة فَأدْرك سلْعَته (بِعَينهَا) عِنْد رجل قد أفلس وَلم يكن قبض من ثمنهَا شَيْئا فَهِيَ لَهُ، وَإِن كَانَ قبض مِنْهَا شَيْئا فَمَا بَقِي فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء، (وَأَيّمَا امْرِئ هلك وَعِنْده مَال امْرِئ بِعَيْنِه - اقْتضى مِنْهُ شَيْئا أَو لم يقتض - فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء) .
قيل لَهُ: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ أَنه مُضْطَرب الحَدِيث، وَلَا يثبت هَذَا الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ مُسْندًا وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسل.
(وَيَقْتَضِي أَن السّلْعَة لَو انْتَقَلت إِلَى عشرَة أنفس فَوجدَ صَاحبهَا عِنْد الْعَاشِر وَهُوَ مُفلس أَن يَأْخُذهَا من الْعَاشِر الْمُفلس، وَهَذَا خلاف الْإِجْمَاع، فَالْحَدِيث مَتْرُوك الظَّاهِر بِالْإِجْمَاع) . ثمَّ نقُول هَذَا الحَدِيث (قد فرق فِيهِ بَين حكم التَّفْلِيس وَالْمَوْت، فَهُوَ غير الحَدِيث الأول، فَيكون الحَدِيث الأول) مُسْتَعْملا من حَيْثُ تأولنا، وَيكون هَذَا الحَدِيث (حَدِيثا) شاذا مُنْقَطِعًا لَا تقوم بِهِ حجَّة فَيجب ترك اسْتِعْمَاله.
وَقد ذكر أَبُو عمر بن عبد الْبر أَن قَتَادَة روى عَن خلاس بن عَمْرو، عَن عَليّ قَالَ: " هُوَ فِيهَا أُسْوَة الْغُرَمَاء إِذا وجدهَا بِعَينهَا ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute