للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِن قيل: روى التِّرْمِذِيّ: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ، عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه ".

قيل لَهُ ذَكَاة الْجَنِين مُبْتَدأ، وذكاة أمه خَبره، لَكِن فِيهِ حذف مُضَاف (وَهُوَ: مثل) ، كَأَنَّهُ قَالَ: ذَكَاة الْجَنِين مثل ذَكَاة أمه. كَمَا تَقول: زيد الْبَدْر، وَعَمْرو الشَّمْس، وَأَبُو يُوسُف أَبُو حنيفَة، وَابْن الْقَاسِم مَالك. أَي هَذَا مثل هَذَا، ومنزلته مَنْزِلَته. فَحذف الْمثل وأقيم الثَّانِي مقَامه اتساعا كَمَا تَقول: اللَّيْلَة الْهلَال. وَالتَّحْقِيق فِي هَذَا: أَن زيدا والبدر غيران، فَإِذا جعلته هُوَ فَلَا بُد من أَمر يَشْتَرِكَانِ فِيهِ يحل مَحَله فَيكون فِيهِ كَأَنَّهُ هُوَ، فَقَوله: ذَكَاة الْجَنِين، (وذكاة أم الْجَنِين) غير ذَكَاة الْجَنِين، فهما غيران. فَهَذِهِ حَقِيقَة الْكَلَام. فَالَّذِي يَدعِي أَن ذَكَاة الْأُم تغني عَن ذَكَاة الْجَنِين، فَإِن دَعْوَاهُ لَا تشهد لَهَا الْعَرَبيَّة.

وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ: عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " بعث رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يزِيد بن وَرْقَاء على جمل أَوْرَق ليصيح فِي فجاج منى: أَلا إِن الذَّكَاة فِي الْحلق واللبة ". بَين النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَن جنس الذَّكَاة منحصر فِي الْحلق واللبة، لِأَنَّهُ ذكرهَا بلام التَّعْرِيف وَلَا مَعْهُود هُنَا، فَكَانَ لتعريف

<<  <  ج: ص:  >  >>