للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن كن أولات حمل} . انتظمت المبتوتة والرجعية. ثمَّ لَا تَخْلُو هَذِه النَّفَقَة إِمَّا أَن يكون وُجُوبهَا لأجل الْحمل، أَو لأجل أَنَّهَا محبوسة فِي بَيته. وَالْأول بَاطِل، لِأَنَّهَا لَو كَانَت مُسْتَحقَّة لأجل الْحمل لوَجَبَ إِذا كَانَ للْحَمْل مَال أَن ينْفق عَلَيْهِ من مَاله، كَمَا أَن نَفَقَة الصَّغِير فِي مَال نَفسه. وَأَيْضًا (كَانَ) يجب فِي الطَّلَاق الرَّجْعِيّ نَفَقَة الْحَامِل إِذا كَانَ لَهُ مَال فِي مَاله، كَمَا أَن نَفَقَته بعد الْولادَة فِي مَاله، وَكَانَ يجب أَن تكون نَفَقَة الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا فِي نصيب الْحمل من الْمِيرَاث. فَلَمَّا اتّفق الْجَمِيع على أَن النَّفَقَة فِي مَال الزَّوْج. بَطل أَن يكون وجوب النَّفَقَة لأجل الْحمل، وَتعين أَن يكون لأجل أَنَّهَا محبوسة فِي بَيته. وَهَذِه الْعلَّة مَوْجُودَة فِي المبتوتة فَوَجَبَ أَن تجب لَهَا النَّفَقَة.

فَإِن قيل: فَمَا فَائِدَة تَخْصِيص الْحَامِل بِالذكر فِي إِيجَاب النَّفَقَة.

قيل لَهُ: قد دخلت فِيهِ الْمُطلقَة الرَّجْعِيَّة، وَلم يمْنَع ذَلِك وجوب النَّفَقَة لغير الْحَامِل، وَكَذَلِكَ فِي المبتوتة وَإِنَّمَا ذكر الْحمل لِأَن مدَّته (قد) تطول وَقد تقصر فَأَرَادَ إعلامنا وجوب النَّفَقَة مَعَ طول الْمدَّة الَّتِي هِيَ فِي الْعَادة أطول من مُدَّة الْحيض.

فَإِن قيل: رُوِيَ عَن فَاطِمَة بنت قيس: " أَن زَوجهَا طَلقهَا الْبَتَّةَ، وَأَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: لَا نَفَقَة لَك وَلَا سُكْنى ".

قيل لَهُ: روى أَبُو دَاوُد: عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي قَالَ: " كنت فِي الْمَسْجِد الْجَامِع مَعَ الْأسود، فَقَالَ: أَتَت فَاطِمَة بنت قيس عمر بن الْخطاب، فَقَالَ: مَا كُنَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>