للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواهُم، وَلَا يقتل مُؤمن بِكَافِر، وَلَا ذُو عهد فِي عَهده وَمن أحدث حَدثا فعلى نَفسه، (وَمن أحدث حَدثا) أَو آوى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ".

ابْن مَاجَه: عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده "، فَمَعْنَى هَذَا الحَدِيث - وَالله أعلم - لَا يقتل مُؤمن وَلَا ذُو عهد فِي عَهده بِكَافِر حَرْبِيّ. وَمثل هَذَا فِي كتاب الله تَعَالَى: {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر واللائي لم يحضن} . فَقدم وَأخر، وَالتَّقْدِير: " {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم واللائي لم يحضن إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر ". وَلَو كَانَ تَأْوِيله أَن الْمُسلم لَا يقتل بِكَافِر حَرْبِيّ وَلَا بِذِي عهد فِي عَهده، لَكَانَ لحنا وَرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أبعد النَّاس مِنْهُ. فَدلَّ أَن الْكَافِر الَّذِي منع عَلَيْهِ السَّلَام أَن يقتل بِهِ الْمُؤمن فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ الْكَافِر الَّذِي لَا عهد لَهُ. وَلَيْسَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " وَلَا ذُو عهد فِي عَهده " كلَاما مستأنفا، لِأَن هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا جرى فِي الدِّمَاء المسفوك بَعْضهَا بِبَعْض، لِأَنَّهُ قَالَ: " الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ - الحَدِيث ". وَإِنَّمَا جرى الْكَلَام على الدِّمَاء الَّتِي تجْرِي قصاصا وَلم يجر على حُرْمَة دم بِعَهْد ليحمل عَلَيْهِ الحَدِيث.

فَإِن قيل: فَفِي الحَدِيث الأول: أَن عبيد الله قتل ابْنة لأبي لؤلؤة تَدعِي الْإِسْلَام. فَيجوز أَن يكون إِنَّمَا استحلوا سفك دم عبيد الله بهَا لَا بحفينة والهرمزان.

قيل لَهُ: فِيهِ مَا يدل على أَنه أَرَادَ قَتله بحفينة والهرمزان، وَهُوَ قَوْلهم (أبعدهُمَا} الله. فمحال أَن يكون عُثْمَان أَرَادَ قَتله بِغَيْرِهِمَا، وَيَقُول النَّاس أبعدهُمَا الله. ثمَّ لَا يَقُول (للنَّاس) إِنِّي لم أرد قَتله (بِهَذَيْنِ) إِنَّمَا أردْت قَتله بالجارية، وَلكنه أَرَادَ قَتله بهما وبالجارية. أَلا ترَاهُ يَقُول: وَكثر فِي ذَلِك الِاخْتِلَاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>