فِي هذَيْن الْحَدِيثين بِأخذ مَال المتزوج أَو تخميسه، دلّ ذَلِك أَن المتزوج كَانَ بتزويجه مُرْتَدا مُحَاربًا. فَوَجَبَ أَن يقتل لردته، وَكَانَ مَاله كَمَال الْحَرْبِيين، لِأَن الْمُرْتَد الَّذِي لم يحارب كل قد أجمع فِي مَاله على خلاف التخميس.
وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن تخميس النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَال المتزوج الَّذِي ذكرنَا دَلِيل على أَنه قد كَانَ مِنْهُ الرِّدَّة والمحاربة.
فَإِن قيل: قد رَأينَا ذَلِك نِكَاحا لَا يثبت (فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يكون فِي حكم) مَا لم ينْعَقد فَيكون الْوَاطِئ كالواطئ فِي غير نِكَاح. /
قيل لَهُ: يَنْبَغِي أَن تَقول: (رجل زنى) بِذَات محرم مَاذَا عَلَيْهِ؟ فَتَقول: عَلَيْهِ الْحَد. وَإِن أطلقت اسْم التَّزْوِيج وَسميت ذَلِك النِّكَاح نِكَاحا وَإِن لم يكن ثَابتا. قُلْنَا: لَا حد على واطئ فِي نِكَاح جَائِز وَلَا فَاسد، لما ذكرنَا من حكم عمر بن الْخطاب فِي المتزوجة فِي الْعدة.
فَإِن قيل: هَذَا وَإِن لم يكن زنا فَهُوَ أغْلظ، فأحرى أَن يجب فِيهِ الْحَد.
قيل لَهُ: الْعُقُوبَات إِنَّمَا تُؤْخَذ من جِهَة التَّوْقِيف، (وَإِلَّا لوَجَبَ) على من رمى رجلا بالْكفْر حد الْقَذْف إِذْ الْكفْر فِي نَفسه أعظم وَأَغْلظ من الزِّنَا. فَثَبت أَن الْعُقُوبَات لَا قِيَاس فِيهَا. وَالله أعلم.