للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّبْعِيض، وَمِنْهَا ابْتِدَاء الْغَايَة. فَيكون معنى " من " (فِي) هَذَا الْموضع على ابْتِدَاء مَا يخرج مِنْهَا، وَذَلِكَ إِنَّمَا يتَنَاوَل الْعصير المشتد، والدبس السَّائِل من النّخل (إِذا اشْتَدَّ) . وَلذَلِك قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن حلف لَا يَأْكُل من هَذِه النَّخْلَة شَيْئا أَنه على رطبها وتمرها ودبسها، لأَنهم حملُوا " من " على مَا ذكرنَا من الِابْتِدَاء. وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد (مَا خمر من نيئهما، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله: " الْخمر من هَاتين الشجرتين " أَن يكون أَرَادَ) الْخمر مِنْهُمَا، وَإِن كَانَت مُخْتَلفَة. على أَنَّهَا من الْعِنَب (مَا عَقَلْنَاهُ) خمرًا، و (على أَنَّهَا) من التَّمْر (مَا يسكر) فَيكون خمر الْعِنَب هِيَ: الْعصير إِذا اشْتَدَّ. وخمر التَّمْر: هُوَ الْمِقْدَار من نَبِيذ التَّمْر الَّذِي يسكر. فَلَيْسَ أحد هَذِه الْوُجُوه بِأولى من الآخر.

وَقَول عمر: " إِنَّه (نزل تَحْرِيم) الْخمر وَإِنَّهَا يَوْمئِذٍ من خَمْسَة: التَّمْر، وَالْعِنَب، وَالْعَسَل، وَالْحِنْطَة، وَالشعِير. وَالْخمر مَا خامر الْعقل ". وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن من الْعِنَب خمرًا وأنهاكم عَن كل مُسكر ". يحْتَمل جَمِيع الْمعَانِي الَّتِي يحتملها (الحَدِيث الأول) . غير معنى وَاحِد، وَهُوَ مَا احتمله الحَدِيث الأول مِمَّا حملناه عَلَيْهِ من كَرَاهِيَة نَقِيع التَّمْر وَالزَّبِيب، فَإِنَّهُ لَا يحْتَملهُ. فَإِنَّهُ قرن مَعَ (ذَلِك) خمر الْحِنْطَة وخمر الْعَسَل وخمر الشّعير وَنحن لَا نرى بهَا بَأْسا.

فَإِن قيل: فقد روى / مَالك: عَن أنس رَضِي الله عَنهُ (أَنه) قَالَ: " كنت

<<  <  ج: ص:  >  >>