الْوَعيد الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} الْآيَة. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " أَنا فِئَة كل مُسلم " وَقَالَ عمر بن الْخطاب لما بلغه أَن أَبَا عبيد بن مَسْعُود اسْتقْبل يَوْم الْحَشْر حَتَّى قتل وَلم ينهزم: " رحم الله أَبَا عبيد لَو انحاز إِلَيّ لَكُنْت لَهُ فِئَة. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ أَصْحَاب أبي عبيد قَالَ: أَنا فِئَة لكم وَلم يعنفهم ".
وَهَذَا الحكم (عندنَا) ثَابت مَا لم يبلغ (عدد) الْجَيْش اثْنَي عشر ألفا (فَإِذا بلغُوا اثْنَي عشر ألفا) لَا يجوز لَهُم أَن ينهزموا عَن مثليهم إِلَّا متحرفين لقِتَال. وَهُوَ أَن يصيروا من مَوضِع إِلَى غَيره مكايدين لعدوهم، من نَحْو خُرُوج من مضيق إِلَى فسحة، أَو من سَعَة إِلَى مضيق، أَو يكمنوا لعدوهم، وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يكون فِيهِ انصراف عَن الْحَرْب. أَو متحيزين إِلَى فِئَة من الْمُسلمين يُقَاتلُون مَعَهم.
فَإِذا بلغُوا اثْنَي عشر ألفا فَإِن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ: " إِن الْجَيْش إِذا بلغ ذَلِك فَلَيْسَ لَهُم أَن يَفروا من عدوهم وَإِن كثر عَددهمْ. وَلم يذكر خلافًا بَين أَصْحَابنَا " وَاحْتج بِحَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " خير الْأَصْحَاب أَرْبَعَة وَخير السَّرَايَا أَربع مائَة وَخير الجيوش أَرْبَعَة آلَاف وَلنْ تُؤْتى اثْنَا عشر ألفا عَن قلَّة وَلنْ تغلب ". وَفِي بَعْضهَا: " مَا غلب قوم يبلغون اثْنَي عشر ألفا إِذا اجْتمعت كلمتهم ".
وَذكر الطَّحَاوِيّ أَن مَالِكًا سُئِلَ فَقيل لَهُ: " أيسعنا التَّخَلُّف عَن قتال من خرج
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute