تَوْرِيث الْكَافِر من الْمُسلم. وَهُوَ وَإِن كَانَ من آحَاد الْأَخْبَار فقد تَلقاهُ النَّاس بِالْقبُولِ، واستعملوه فِي منع تَوْرِيث الْمُسلم من الْكَافِر، فَصَارَ فِي حيّز الْمُتَوَاتر. وَلِأَن آيَة الْمَوَارِيث خَاصَّة بالِاتِّفَاقِ وأخبار الْآحَاد مَقْبُولَة فِي تَخْصِيص مثلهَا.
قيل لَهُ: فِي بعض أَلْفَاظ حَدِيث أُسَامَة " لَا يتوارث أهل ملتين، لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر "، فَأخْبر أَن المُرَاد إِسْقَاط التَّوَارُث بَين أهل الملتين، وَلَيْسَت الرِّدَّة بِملَّة قَائِمَة، لِأَنَّهُ وَإِن ارْتَدَّ إِلَى الْيَهُودِيَّة أَو النَّصْرَانِيَّة فَغير مقرّ عَلَيْهَا، فَلَيْسَ هُوَ مَحْكُوم لَهُ بِحكم أهل الْملَّة الَّتِي انْتقل إِلَيْهَا. فَإِنَّهُ لَا تحل ذَبِيحَته، وَإِن كَانَت امْرَأَة لَا يحل نِكَاحهَا. فَثَبت أَنَّهَا لَيست بِملَّة. وَقد ورد حَدِيث أُسَامَة مُفَسرًا بِهَذَا. وَمن أصل أبي حنيفَة أَن ملكه يَزُول بِالرّدَّةِ، فَإِذا قتل أَو مَاتَ انْتقل إِلَى الْوَارِث. وَمن أجل ذَلِك لَا يجوز تصرف الْمُرْتَد فِي مَاله الَّذِي اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام وَحِينَئِذٍ لم يُورث مُسلم من كَافِر.
لَيْسَ وَيمْتَنع تَوْرِيث الْحَيّ، قَالَ الله تَعَالَى: {وأورثكم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ} وَكَانُوا أَحيَاء. وعَلى أَنا نقلنا المَال إِلَى الْوَرَثَة بعد الْمَوْت فَلَيْسَ فِيهِ تَوْرِيث من الْحَيّ.
وَإِذا جعل مَاله لبيت المَال (فقد) ورثت مِنْهُ جمَاعَة الْمُسلمين وَهُوَ كَافِر حَيّ، إِذا لحق بدار الْحَرْب مُرْتَدا، فقد اجْتمع للْوَرَثَة الْقَرَابَة وَالْإِسْلَام فصاروا أولى. كمن اجْتمع لَهُ / قرب الْقَرَابَة وَالْإِسْلَام مَعَ من بعد نسبه وَهُوَ مُسلم. بِخِلَاف مَال الذِّمِّيّ، لِأَنَّهُ بعد مَوته لَيْسَ مُسْتَحقّا بِالْإِسْلَامِ، لِاتِّفَاق الْمُسلمين على أَن المَال لوَرثَته من أهل الذِّمَّة. واتفاق جَمِيع فُقَهَاء الْأَمْصَار على أَن مَال الْمُرْتَد يسْتَحق بِالْإِسْلَامِ على حسب الِاخْتِلَاف.
وَإِن مَاتَ الذِّمِّيّ لَا عَن وَرَثَة ذمَّة كَانَ بِمَنْزِلَة مَال وجده الإِمَام فِي دَار الْإِسْلَام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute