فَإِن قيل يحْتَمل أَن تجْعَل نَفسهَا فِي صُورَة طير لَا أَنَّهَا تركب فِي بدن طير كَمَا قَالَ تَعَالَى {فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك} وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي اللَّفْظ الآخر أَرْوَاحهم كطير خضر كَذَلِك رَوَاهُ ابْن أَبى شيبَة حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن عبد الله بن مرّة عَن مَسْرُوق عَن عبد الله
قَالَ أَبُو عمر وَالَّذِي يشبه عِنْدِي وَالله أعلم أَن يكون القَوْل قَول من قَالَ كطير أَو صُورَة طير لمطابقته لحديثنا الْمَذْكُور يعْنى حَدِيث كَعْب بن مَالك فِي نسمَة الْمُؤمن
فَالْجَوَاب أَن هَذَا الحَدِيث قد روى بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ وَالَّذِي رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح من حَدِيث الْأَعْمَش عَن مَسْرُوق فَلم يخْتَلف حَدِيثهمَا أَنَّهَا فِي أَجْوَاف طير خضر
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَقَالَ عُثْمَان بن أَبى شيبَة حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله لما أُصِيب إخْوَانكُمْ يعْنى يَوْم أحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر ترد أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها وتأوى إِلَى قناديل من ذهب مدلاة فِي ظلّ الْعَرْش فَلَمَّا وجدوا طيب مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ وَمَقِيلهمْ قَالُوا من يبلغ إِخْوَاننَا عَنَّا أَنا أَحيَاء فِي الْجنَّة نرْزق لِئَلَّا ينكلُوا عَن الْحَرْب وَلَا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَاد فَقَالَ الله تَعَالَى أَنا أبلغهم عَنْكُم فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ}
وَأما حَدِيث كَعْب بن مَالك فَهُوَ فِي السّنَن الْأَرْبَعَة ومسند أَحْمد وَلَفظه لِلتِّرْمِذِي أَن رَسُول الله قَالَ إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير خضر تعلق من ثَمَر الْجنَّة أَو شجر الْجنَّة قَالَ الترمذى هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَلَا مَحْذُور فِي هَذَا وَلَا يبطل قَاعِدَة من قَوَاعِد الشَّرْع وَلَا يُخَالف نصا من كتاب وَلَا سنة عَن رَسُول الله بل هَذَا من تَمام إكرام الله للشهداء أَن أعاضهم من أبدانهم الَّتِي مزقوها لله أبدانا خيرا مِنْهَا تكون مركبا لأرواحهم ليحصل بهَا كَمَال تنعمهم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رد أَرْوَاحهم إِلَى تِلْكَ الْأَبدَان الَّتِي كَانَت فِيهَا فِي الدُّنْيَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute