وَالْقَائِل أَن أحدا من السّلف لم يفعل ذَلِك قَائِل مَالا علم لَهُ بِهِ فَإِن هَذِه شَهَادَة على نفي مَا لم يعمله فَمَا يدريه أَن السّلف كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك وَلَا يشْهدُونَ من حضرهم عَلَيْهِ بل يَكْفِي اطلَاع علام الغيوب على نياتهم ومقاصدهم لَا سِيمَا والتلفظ بنية الإهداء لَا يشْتَرط كَمَا تقدم
وسر الْمَسْأَلَة أَن الثَّوَاب ملك الْعَامِل فَإِذا تبرع بِهِ وأهداه إِلَى أَخِيه الْمُسلم أوصله الله إِلَيْهِ فَمَا الَّذِي خص من هَذَا ثَوَاب قِرَاءَة الْقُرْآن وَحجر على العَبْد أَن يوصله إِلَى أَخِيه وَهَذَا عمل سَائِر النَّاس حَتَّى المنكرين فِي سَائِر الإعصار والأمصار من غير نَكِير من الْعلمَاء
فَإِن قيل فَمَا تَقولُونَ فِي الإهداء إِلَى رَسُول الله قيل من الْفُقَهَاء الْمُتَأَخِّرين من استحبه وَمِنْهُم من لم يستحبه وَرَآهُ بِدعَة فان الصَّحَابَة لم يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ وَأَن النَّبِي لَهُ أجر كل من عمل خيرا من أمته من غير أَن ينقص من أجر الْعَامِل شَيْء لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دلّ أمته على كل خير وأرشدهم ودعاهم إِلَيْهِ وَمن دَعَا إِلَى هدى فَلهُ من الْأجر مثل أجور من تبعه من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء وكل هدى وَعلم فَإِنَّمَا نالته أمته على يَده فَلهُ مثل أجر من اتبعهُ أهداه إِلَيْهِ أول لم يهده وَالله أعلم