وَمن قَائِل أَن الرُّؤْيَا أَمْثَال مَضْرُوبَة يضْربهَا الله للْعَبد بِحَسب استعداده الفه على يَد ملك الرُّؤْيَا فَمرَّة يكون مثلا مَضْرُوبا وَمرَّة يكون نفس مَا رَآهُ الرائى فيطابق الْوَاقِع مُطَابقَة الْعلم لمعلومه
وَهَذَا أقرب من الْقَوْلَيْنِ قبله وَلَكِن الرُّؤْيَا لَيست مَقْصُورَة عَلَيْهِ بل لَهَا أَسبَاب أخر كَمَا تقدم من ملاقاة الْأَرْوَاح وأخبار بَعْضهَا بَعْضًا وَمن إِلْقَاء الْملك الَّذِي فِي الْقلب والروع وَمن رُؤْيَة الرّوح للأشياء مكافحة بِلَا وَاسِطَة
وَقد ذكر أَبُو عبد الله بن مَنْدَه الْحَافِظ فِي كتاب النَّفس وَالروح من حَدِيث مُحَمَّد بن حميد حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مغراء الدروسى حَدثنَا الْأَزْهَر بن عبد الله الأزدى عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ لقى عمر بن الْخطاب على بن أَبى طَالب فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْحسن رُبمَا شهِدت وغبنا وَشَهِدْنَا وغبت ثَلَاث أَسأَلك عَنْهُن عنْدك مِنْهُنَّ علم فَقَالَ على ابْن أَبى طَالب وَمَا هن فَقَالَ الرجل يحب الرجل وَلم ير مِنْهُ خيرا وَالرجل يبغض الرجل وَلم ير مِنْهُ شرا فَقَالَ على نعم سَمِعت رَسُول الله يَقُول إِن الْأَرْوَاح جنود مجندة تلتقى فِي الْهَوَاء فتشأم فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف فَقَالَ عمر وَاحِدَة قَالَ عمر وَالرجل يحدث الحَدِيث إِذْ نَسيَه فَبينا هُوَ وَمَا نَسيَه إِذْ ذكره فَقَالَ نعم سَمِعت رَسُول الله يَقُول مَا فِي الْقُلُوب قلب إِلَّا وَله سَحَابَة كسحابة الْقَمَر بَينا الْقَمَر مضيء إِذا تجللته سَحَابَة الظُّلم إِذا تجلت فأضاء وَبينا الْقلب يتحدث إِذْ تجللته سَحَابَة فنسى إِذْ تجلت عَنهُ فيذكر قَالَ عمر اثْنَتَانِ قَالَ وَالرجل يرى الرُّؤْيَا فَمِنْهَا مَا يصدق وَمِنْهَا مَا يكذب