وَذكر الْخلال عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَت الْأَنْصَار إِذا مَاتَ لَهُم الْمَيِّت اخْتلفُوا إِلَى قَبره يقرءُون عِنْده الْقُرْآن قَالَ وَأَخْبرنِي أَبُو يحيى النَّاقِد قَالَ سَمِعت الْحسن بن الجروى يَقُول مَرَرْت على قبر أُخْت لي فَقَرَأت عِنْدهَا تبَارك لما يذكر فِيهَا فَجَاءَنِي رجل فَقَالَ إنى رَأَيْت أختك فِي الْمَنَام تَقول جزى الله أَبَا على خيرا فقد انتفعت بِمَا قَرَأَ أَخْبرنِي الْحسن بن الْهَيْثَم قَالَ سَمِعت أَبَا بكر بن الأطروش ابْن بنت أبي نصر بن التمار يَقُول كَانَ رجل يَجِيء إِلَى قبر أمه يَوْم الْجُمُعَة فَيقْرَأ سُورَة يس فجَاء فِي بعض أَيَّامه فَقَرَأَ سُورَة يس ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِن كنت قسمت لهَذِهِ السُّورَة ثَوابًا فاجعله فِي أهل هَذِه الْمَقَابِر فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة الَّتِي تَلِيهَا جَاءَت امْرَأَة فَقَالَت أَنْت فلَان ابْن فُلَانَة قَالَ نعم قَالَت إِن بِنْتا لي مَاتَت فرأيتها فِي النّوم جالسة على شَفير قبرها فَقلت مَا أجلسك هَا هُنَا فَقَالَت إِن فلَان ابْن فُلَانَة جَاءَ إِلَى قبر أمه فَقَرَأَ سُورَة يس وَجعل ثَوَابهَا لأهل الْمَقَابِر فأصابنا من روح ذَلِك أَو غفر لنا أَو نَحْو ذَلِك
وَفِي النَّسَائِيّ وَغَيره من حَدِيث معقل بن يسَار الْمُزنِيّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ اقرأوا {يس} عِنْد مَوْتَاكُم وَهَذَا يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ قرَاءَتهَا على المحتضر عِنْد مَوته مثل قَوْله لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْقِرَاءَة عِنْد الْقَبْر وَالْأول أظهر لوجوه
الأول أَنه نَظِير قَوْله لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله
الثَّانِي انْتِفَاع المحتضر بِهَذِهِ السُّورَة لما فِيهَا من التَّوْحِيد والمعاد والبشرى بِالْجنَّةِ لأهل التَّوْحِيد وغبطة من مَاتَ عَلَيْهِ بقوله ياليت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين فتستبشر الرّوح بذلك فتحب لِقَاء الله فيحب الله لقاءها فَإِن هَذِه السُّورَة قلب الْقُرْآن وَلها خاصية عَجِيبَة فِي قرَاءَتهَا عِنْد المحتضر
وَقد ذكر أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ قَالَ كُنَّا عِنْد شَيخنَا أبي الْوَقْت عبد الأول وَهُوَ فِي السِّيَاق وَكَانَ آخر عهدنا بِهِ أَنه نظر إِلَى السَّمَاء وَضحك وَقَالَ {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين} وَقضى