لابأس بهَا فَقلت هَل لَك اطلَاع على تصانيفهم الْفِقْهِيَّة قَالَ نعم وَلم أر أجزل عبارَة عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَمَا رَأَيْت مثل مَجْمُوع لأبي السرُور الَّذِي ضمنه الرَّوْض وَزَاد عَلَيْهِ بَاقِي مسَائِل الْمَذْهَب فَوَقع ببالي أَن الْمَجْمُوع الْمَذْكُور هُوَ الْعباب انْتهى
وَكَانَ بَينه وَبَين سَيِّدي الشَّيْخ القطب شمس الشموس أَبُو بكر بن عبد الله العيدروس اتِّحَاد كلي وَلكُل مِنْهُمَا إِلَى الآخر ميل قلبِي وَكَانَت بَينهمَا محبَّة ومكاتبات ومواصلات ومراسلات ومدح هُوَ العيدروس بقصيدة سبقت فِي تَرْجَمته وَفِيه أَيْضا يَقُول العيدروس نفع الله بِهِ ... سَلام كوبل عَم ساجمه ... تفتح عَن نور الكمام مباسمه
سَلام يفوق الْمسك فِي نشر عطره ... ويزرى بذوق الشهد فيَّ طاعمه
على السَّيِّد الحبر الْعَلِيم شهابنا ... نواوي الْعلَا مفتي الزَّمَان وحاكمه
لَهُ فِي سلوك الدّين أوضح مَنْهَج ... لَهُ من فنون الْعلم أوفى مقاسمه
لكل زمَان عَالم يقْتَدى بِهِ ... وَهَذَا زمَان لَا شكّ أَنْت عالمه
بمجلسه تجلى الْعُلُوم ويهتدي ... بِهِ كل حبر لَيْت من هُوَ ملازمه
يفك عويص المشكلات دراية ... بديهته تبدي خَفِي مكارمه ...
وَفِيه يَقُول أَيْضا من قصيدة لَهُ أُخْرَى شعر ... شهَاب الْعلَا غوث الملا هُوَ أَحْمد ... وقاضي قُضَاة الْوَقْت فِي مُدَّة الْعَصْر
فَيوم لَهُ فِي الْعلم وَالْفضل والحجى ... يزِيد على أَعمار سبع من النسْر
وَفِي الْعلم يم لم يزل متلاطماً ... يجل عَن الاحصاء وَالْعد والحصر ...
ومناقبه كَثِيرَة وترجمته طَوِيلَة وَقد أفردها بالتصنيف حفيده القَاضِي أَبُو الْفَتْح بن الْحُسَيْن المزجد فِي جُزْء لطيف سَمَّاهُ منية الأحباب فِي مَنَاقِب صَاحب الْعباب
وَإِذا تَأَمَّلت مَا أسلفناه عَنهُ من الْأَخْبَار الجميلة وَالسير الحميدة علمت أَنه من الْعلمَاء الاخيار الابرار وَلَا يُنَافِي ذَلِك مَا كَانَ متلبساً بِهِ من الْقَضَاء وَنَحْوه فقد ابتلى بِمثل ذَلِك غير وَاحِد من الْعلمَاء الصلحاء كشيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وَشَيخ الْإِسْلَام زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ وحسبك أَن العيدروس نفع الله بِهِ وَصفه بِهَذِهِ الْأَوْصَاف الجليلة والنعوت الجميلة