وَإِذا وَقع من مثل هَذَا الرجل فِيهِ مثل هَذَا القَوْل فقد أغْنى ثناءه عَن كل وصف وَالشَّهَادَة مِنْهُ خير من شَهَادَة ألف ألف وَكَانَ لصَاحب التَّرْجَمَة أَرْبَعَة أَوْلَاد عَليّ وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَعبد الرَّحْمَن وكل مِنْهُم افتى فِي حَيَاة أَبِيه وَمَات مِنْهُم اثْنَان فِي حَيَاة ابيهما وهما عبد الرَّحْمَن وَحسن ورثاهما وحزن عَلَيْهِمَا فوفاة حسن سنة تسع وَتِسْعمِائَة ووفاة عبد الرَّحْمَن سنة احدى عشر وَتِسْعمِائَة
وفيهَا فِي لَيْلَة الْعشْرين من شعْبَان توفّي الشَّيْخ الإِمَام البارع النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الأديب المفنن القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن عمر بن مبارك أبن عبد الله بن عَليّ الْحِمْيَرِي الْحَضْرَمِيّ الشَّافِعِي الشهير بحرق بحاء مُهْملَة بعد الْمُوَحدَة ثمَّ رَاء مَفْتُوحَة بعْدهَا قَاف وَكَانَ من الْعلمَاء الراسخين وَالْأَئِمَّة المتبحرين اشْتغل بالعلوم وتفنن بالمنطوق مِنْهَا وَالْمَفْهُوم وتمهر فِي المنثور والمنظوم وَكَانَت لَهُ الْيَد الطُّولى فِي جَمِيع الْعُلُوم وصنف فِي كثير من الْفُنُون كالحديث والتصوف والنحو الصّرْف والحساب والطب وَالْأَدب والفلك وَغير ذَلِك وَمَا رَأَيْت أحدا من عُلَمَاء حضر موت أحسن وَلَا أوجز عبارَة مِنْهُ وَله نظم حسن وَهُوَ أحد من جمع بَين ديباجتي النّظم والنثر فنثره منثور الرياض جاد بهَا السحائب ونظمه منظوم الْعُقُود زانتها النحور والترائب ... إِن شَاءَ أنشأ نثراً رائعاً وَكَذَا ... إِن ود أنْشد نظماً يشبه الدررا ...
وَهُوَ الَّذِي يَقُول هَذِه الأبيات مجيباً لبَعض الْفُضَلَاء الممتحنين لَهُ من أهل زَمَانه شعر ... يَا من أَجَاد غَدَاة أنْشد مقولا ... وَأفَاد من احسانه وتفضلا
إِن كنت ممتحني بِذَاكَ فانني ... لست الهيوبة حَيْثُ مَا قيل انزلا