الْحرم أول سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بمنزل وَالِدي مِنْهَا وَغَابَ وَالِدي عَن مَدِينَة زبيد فِي آخر السّنة الَّتِي ولدت فِيهَا وَلم تره عَيْني قطّ ونشأت فِي حجر جدي لأمي الْعَلامَة الصَّالح الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى شرف الدّين أبي الْمَعْرُوف إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد مبارز الشَّافِعِي رَحمَه الله وانتفعت بدعائه لي فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَغَيرهَا وَهُوَ الَّذِي حدب عَليّ ورباني وأطعمني وسقاني وكساني وواساني وعليني وأوصاني جزاه الله عني بِالْإِحْسَانِ وقابله بِالرَّحْمَةِ والرضوان وَكَانَ الْمَذْكُور على قدم فِي عبَادَة الله عز وَجل محافظاً على قيام اللَّيْل واحياء مَا بَين العشائين وملازمة الْجَمَاعَة فِي الصَّلَوَات المفروضات تالياً لكتاب الله تَعَالَى عَارِفًا بِسنة رَسُول الله صلَة الله عَلَيْهِ وَسلم
أَخذ الْعلم عَن غير وَاحِد من أَشْيَاخ قطره وَغَيرهم كالعلامة نور الدّين الفخري والخطيب كَمَال الدّين الضجامي والنفيس الْعلوِي وَالشَّيْخ أبي الْفَتْح المارفي والمقري شمس الدّين الجزوي وَالْقَاضِي زين الدّين مكي وَغَيرهم رَحْمَة الله عَلَيْهِم وَصَحب الشَّيْخ الصَّالح شرف الدّين أَبَا الْمَعْرُوف واسماعيل بن أبي بكر الجبرتي الصُّوفِي نفع الله بِهِ وَقَرَأَ كتب الْقَوْم وحفظها وَكَانَت لَهُ الْيَد الطُّولى فِي فتح مغلقها وَكَانَ رَحْمَة الله تَعَالَى يؤثرني حَتَّى على أَوْلَاده الَّذين لصلبه آثر الله بحبه وقربه ثمَّ إِنِّي تعملت الْقُرْآن الْكَرِيم عِنْد سَيِّدي الْفَقِيه نور الدّين عَليّ بن أبي بكر خطاب كَانَ الله لَهُ حَتَّى بلغت سُورَة يس وانتفعت بِهِ كثيرا وَظَهَرت نجابتي عِنْده ثمَّ انْتَقَلت إِلَى سَيِّدي وخالي الْفَقِيه الْعَلامَة جمال الدّين أَبُو النجباء مُحَمَّد الطّيب بن اسماعيل مبارز جزاه الله عني خيرا فَلَمَّا رأى نجابتي أَمرنِي بِنَقْل الْقُرْآن الْعَظِيم من أول سُورَة الْبَقَرَة إِلَى آخر فقرآته عِنْده شرفاً وَاحِدًا حَتَّى ختمته وحفظته بذلك الشّرف عَن ظهر الْقلب وَأَنا ابْن عشر سِنِين وَالله الْحَمد ثمَّ توفى الله وَالِدي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى ببندر الديو من بِلَاد الْهِنْد فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَسبعين وَلم يحصل لي من مِيرَاثه سوى ثَمَانِيَة دَنَانِير ذَهَبا ثمَّ أخذت بعد ختم الْقُرْآن على خَالِي الْمَذْكُور فِي علم الْقرَاءَات السَّبع فنقلت الشاطبية ثمَّ قَرَأت الْقرَاءَات عِنْده مُفْردَة ومجموعة وَتمّ لي ذَلِك بِحَمْد