.. فَإِذا أبصروا بأيدي نابصيه ... لم يظهروا تَأْثِيرا
وَإِذا قَالَ قَائِل لنقيب ... مَا تراهم يَقُول كن ستيرا
وَإِن هَذَا رزق حَلَال ... مُبَاح وَرَأى مَنعه لَهُم مَحْظُورًا
كم أُلُوف من فضَّة وَكَذَا من ... ذهب قدرت لَهُ تَقْديرا
لم يكن دِرْهَم ولادينار ... مستعداً لَهُم وَلَا مصرورا
بل من الله قد أَتَت وبحمد ... انفقت فِي الهنا وعادت أجورا
وَلكم أوقدت مصابيح نور ... فِيهِ حَتَّى بدا الصَّباح منيرا
تشبه النَّجْم كَثْرَة وارتفاعاً ... وضياء على الْأَنَام ونورا
فِي لَيَال بدابها قمر الْأُفق ... منبرا فزادها تنويرا
وشموع كَأَنَّهَا الفات فِي ... طروس الظلام خطت سطورا
كلما مس نوره الرّيح أَمْسَى ... كلسان بَين الشفاه أديرا
والحرقات فِي المراكب ترمي ... شرراً من قراضة مُسْتَطِيرا
صَنْعَة الكيميا فِي الرّفْع والخفض ... ترينا التصعيد والتقطيرا
كمروق السِّهَام دفعا ورفعاً ... وبروق السَّمَاء لاحت ظهورا
أَو كَمَا فر طَائِر فر حَسْبَمَا ... فعلا شاهقاً وَجَاوَزَ سورا
أَو كحلي فِي رَأسه شربوس ... قد تبدا مقرعاً منشورا
أَو كَمَا قرطت سلاسل در ... وبدا حب عقدهَا منثورا
أَو كَمَا تبذر الْحُبُوب لزرع ... أَو كَمَا تنفخ الشفاة القشورا
أَو كخشخاشة بكف صَغِير ... لم يجد أكلهَا فصب البزورا
أَو كَمَا تنثر النُّقُود نقوطاً ... أَو كَمَا تخرجد الرياض زهورا
وَلكم فصلت ثِيَاب حَرِير ... وَغدا فِي اختلافها الْأَمر شورا
وَلكم اطلقت صنوف بخور ... وشممنا نشراً لَهَا وعبيرا
وَلكم سكر نقي مذاب فِي ... الْأَوَانِي مكوراً تكريرا
وَترى النَّقْل والفواكه والحلوى ... لجمع الورى أعدت فطورا
وَلكم قد أدير القهوة بن ... وسقينا مِنْهَا شرابًا طهُورا
من تعاطى مِنْهَا شهاراً جهاراً ... لَا يرى فِي الورى عَلَيْهِ نكيرا
وخيام مَنْصُوبَة لَا يرى من ... حل فِيهَا شمساً وَلَا زمهريرا