وقال ابن دأب: سألت بطون بني عامر بطناً بطناً عن مجنون بني عامر فما وجدتُ أحداً يعرفه.
٩٢ - ومن أخبار الواقديّ
هو أبو عبد الله محمّد بن عمر الواقدي مولى بني سهْم من الأسلميين، تحوّل من المدينة فنزل بغداد وولي القضاء للمأمون بعسكر المهديّ أربع سنين، وكان عالماً بالمغازي والسير والفتوح وباختلاف الناس في الحديث. ولد سنة ثلاثين ومائة، ويختلف في ثقته.
ورفع الواقديّ رقعة إلى المأمون يشكو فيها غلبة الدين عليه، فوقع عليها بخطه: فيك خلتان: السخاء والحياء، فأما السخاء فهو الذي أطلق يدك بما ملكت، وأمّا الحياء فهو الذي حملك على أن ذكرت لنا بعض دينك، وقد أمرنا لك بضعف ماذكرت، فإن كنَّا قصرنا عن بلوغ حاجتك فجنايتك على نفسك، وإن كنَّا بلغنا بغيتك فزد في بسط يدك! فإن خزائن الله مفتوحة ويده بكلٍ مبسوطة.
وسئل الواقديّ عن النار التي توقد بالمزدلفة على قُزح، فقالك كانت الجاهلية توقدها، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام.
مات الواقديّ ومحمّد بن كناسة الأسدي ويحيى بن زياد الفراء وطاهر بن الحسين وجعفر بن عون ووهب بن جرير وعبد الصمد بن عبد الوارث في سنة سبع ومائتين، ومات بعدهم بمُديدة أبو عبادة روح بن عبادة القَيسيّ.
٩٣ - ومن أخبار أبي البَخْتَريّ القاضي
واسمه وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد ابن عبد العُزَّى بن قصيّ القُرشيّ، وأُمه عبدة بنت عليّ بن يزيد بن رُكانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، وأُمها ابنة علي بن أبي طالب.
ولاه الرشيد القضاء بعسكر المهدي، ثمّ ولاه قضاء المدينة وإمارتها بعد أبي يوسف القاضي. قال أحمد بن كامل: أبو البخْتري مُتَّهماً بوضع الأحاديث لايحتج به. - وقال فيه بعض الشعراء " من المتقارب ":
هلاَّ فعلتهداك الإلهُفينا كفعْل أبي البَخْتري
تذكر إخوانه في البلاد ... فأغنى المُقِلَّ عن المُكثرِ
قال المرزباني: أبو البختري يضع الأحاديث الباطلة وينحرف عن آل الرسول، وكان هو السبب في قتل عبد الله بن حسن بن حسن رضي الله عنه.
قال يحيى بن معين: أبو البختري كذابٌ خبيث. وقال عبد الباقي بن قانع: مات أبو البختري في سنة مائتين، وهو مدنيٌّ متروك الحديث.
٩٤ - ومن أخبار أبي المُنذرِ العَروضيّ
واسمه يعلى بن عقيل بن زياد بن سليمان بن هند بن عبد الله بن ربيعة بن إلياس بن ربيعة بن يعلى بن محمد بن زيد بن مُعَلَّى بن عبد الله العنزيّ من العلماء الرواة للعلم.
٩٥ - ومن أخبار أبي مِسْحَلٍ الأعرابيّ
واسمهُ الحجَّاج بن زين من بني ربيعة بن عبد الله بن أبي بكر، حضر بغداد مع أبيه بعد مالا بنيت وجاز المائة.
قال أبو مسحلً: سألني الحسن بن سهل الشري: هل في مدة حيلة؟ قلتُ: نعم، يُمَدّ ويقصر. فسأل الأصمعيَّ، فقال: مقصور لايمدّ. فجمع بيننا، فقال الأصمعيُّ: ياأنوك! أنَّى وجدتَّ الشرى يُمدُّ؟ فقلت: أشهر مثل للعرب: لاتحمدنَّ أمةً عام شرائها ولا عروساً عام هدائها. قال: فسكت. - وأنشد أبو مسحل " من الرجز ":
المالُ ما أمسكته فليس لكْ ... وكُلمَّا أنفقته فالمالُ لكْ
٩٦ - ومن أخبار ابن قادمٍكان يؤدب أولاد سعيد بن سلم بن قتيبة، وكان الأصمعي يغشاهم، وكان ابن قادم يسأله عن معاني الشعر واللغة، فقيل له إنّ هذا رجلٌ متقدم لا تزاحمه فإنه يغلبك! فلم يزل حتى سأله الأصمعيُّ يوماً عن قول الشاعر " من السريع "
واحدةٌ أعضلكم شأنها ... فكيف لو قمت على أربعِ
وأشار الأصمعي إلى القيام على أربع بيديه ورجليه، فأجابه بجوابِ خطاءٍ، فاخجله الأصمعيُّ وأضحك منه من حضر، فقيل لابن قادم: قد نصحناك فلم تقبل.
٩٧ - ومن أخبار أبي عُبيد القاسم بن سَلاّم
كان يخضب بالحنَّاء. قال إبراهيم الحربيّ: كان أبو عبيد كأنه جبلٌ نُفخ فيه الروح لم يُعيه إلا إتقان الحديث. كان يؤدب ولد ثابت ابن نصر بن مالك الخُزاعي، فولي ثابت طرسوس ثماني عشرة سنة، فولي أبو عبيد القضاء بطرسوس ثماني عشرة سنة. وكتب في حداثته عن هُشيم وغيره.