١١٠ - ومن أخبار ابن عُليَل العَنَزيّ
هو أبو عليّ الحسن بن عُليل بن الحسين بن عليّ بن حبيش بن سعد العنزي، أحدُ الرواة الثقات، مقيماً بسُر من رأى لم سنتقل عنها إلى أن تُوفيَ. روى عن أبيه عن جده الحسين بن عليّ.
قال: تقدم أعرابيٌّ من بني العنبر إلى سوار بن عبد الله في خصومة، فحكم عليه، فأقبل الأعرابيّ على سوار فقال: واللهِ لقد رأيتُ رؤيا، ما أخطأت الرؤيا " من السريع ":
رأيتُ رُؤيا فعبَّرْتها ... وكنتُ للأحلام عبَّارا
رأيتني أخنُقُ في رَقدْتي ... ضَبَّا فكان الضَبُّ سَوّارا
ثمّ برك على سوّار يخنقهُ، وتصايح الناسُ وأقاموه. فكان سوّار بعد ذلك لا يقعدُ للُحكم إلاّ وعلى رأسه رجُلان قائمان.
١١١ - ومن أخبار ابن مَهْديّ الكِسْرَويّ
هو أبو الحسن عليّ بن مهديّ الإصبهانيّ، كتب إليه عبد الله بن المعتز " من الكامل ":
يا باخلاً بكتابهِ ورسولهٍ ... أأردتَ تَجعَلُ في الفراق فراقا
إنَّ العُهُود تموتُ إن لم تُحيّها ... والنأيُ يُحدثُ للفتى أخلاقا
فكتب إليه عليّ بن مهديّ " من البسيط ":
لا والذي أنتَ أسْنى من أُمجّدهُ ... عندي وأوفاهمُ عَهْداً وميثاقا
ما حلتُ عن خيرِ ما قد كُنتَ تعْهدُه ... ولا تبدَّلتُ بعد النأْي أخلاقا
لكنَّ عَجْزي عن نُعماك أفحمني ... فانقدتُ للعجزِ مغلوباً ومُشتاقا
١١٢ - ومن أخبار المُفضَّل بن سَلَمَة بن عاصم
كُنيته أبو طالب. هجاه أحمد بن أبي طاهر بقصيدة أولها " من الكامل ":
إنّ المُفضَّل نقصُه في نفسه ... وفعالهِ قد حَطَّ فَضْلَ أبيه
وكأن نكهته روائحُ عرضه ... فجليسهُ بالنتنِ في مكروهِ
ولعليّ بن العبَّاس الروُميّ فيه " من الخفيف ":
لو تلففّت في كساء الكسائي ... وتلبَّستَ فرْوةَ الفراء
وتخللَّت بالخليلِ وأضْحى ... سيبويه لديك رَهْنَ سِباءِ
وتكونتَ من سواد أبي الأسود شخصاً يُكنى أبا السوداءِ
لأبي اللهُ أن يعُدَّك أهلَ العلمِ ... إلاّ من جملة الأغبياءِ
١١٣ - ومن أخبار يحيىَ بن عليّ المُنجِّم
وكُنيتهُ أبو أحمد يحيى بن عليّ بن يحيى بن أبي منصور المنجّم، حَسَن العلمِ بالعربية مفنناً في الآداب شاعراً مُفلِقاً، جالس الموَّفق بالله ومن بعده من الخلفاء، وخُصَّ بالمعتضد بالله. وُلد في سنة إحدى وأربعين ومائتين، وتُوفي فجأةً سنة ثلاثمائة.
قال يحيى: قال لي أبو العبَّاس بن المعتز في يوم جعلت مُقامي فيه عنده وداعاً له وقد عزمت على الشخوص عن سُرّ من رأى " من السريع ":
وكَلت بي الهَمَّ فسر راشداً ... بصحبةِ الله وشَرطِ الرُجوعِ
خلَّيتني بعدك ذا حَسرةٍ ... بمقلةٍ عبرى وقلبٍ صديعِ
فقلت مجيباً له " من السريع ":
لايبكيك اللهُ ولا زلت في ... عيشٍ رغيدٍ وجنابٍ مريعِ
فالدهرُ قد يجمع بعد النوى ... أجَلْ كما فرَّق بعد الجميعِ
١١٤ - ومن أخبار أبي الحسن أحمد بن سعيد الدمشقيّ
قال: كنتُ مؤدب أولاد المُعز، فتحمَّل أحمد بن يحيى بن جابر الفلاذُريّ على قبيحةَ أُمِّ المعتز بقوم سألوها أن تأذن له في أن يدخُل إلى ابن المعتز وقتاً من النهار، فأجابت. واتصل الخبر بي، فجلستُ في منزلي غضبان، فكتب إليّ أبو العباس عبد الله بن المعتز وله إذ ذاك ثلاث عشرة سنة " من البسيط ":
أصبحتُ ياأبن سعيدٍ حُزْت مَكْرمةً ... عنها يُقصر من يحفى ونتعلُ
سربلتني حكمة قد هذبت شيمي ... وأجَّجت غرب ذهني فهو مُشتعلُ
أكونُ إن شِئت قُسَّاً في خطابته ... أو حارثاً وهو يوم الفخْرِ مُرْتجِلُ
وإنْ أشأ فكزيدٍ في فرائضهِ ... أو مثل نُعمان لمَّا ضاقت الحِيلُ
أو الخليلَ عَروُضيَّا أخا فِطنٍ ... أو الكسائي نحوياً له عِللُ
تغلي بُداهة ذهني في مُركَّبها ... كمثلِ ما عُرِفتْ آبائي الأُولُ