وهو أحد بني الحارث بن سعد بن هذيم. قال ابن الأعرابيّ: دخل النخَّار ابن أوس العُذري على معاوية وعليه عباءة فكلمه، فأعرض عنه، فقال: يا معاوية، إنّ العباءة لاتكلمك، إنما يكلمك من فيها. فأقبل عليه، ثمّ تكلم فملأ سمعه ثمّ نهض ولم يسأله، فقال معاوية: مارأيت رجلاً أحقر أولاّ ولاأجلَّ آخراً منه.
١٢٥ - ومن أخبار وَهْب بن مُنَبِّهٍ
كنيته أبو عبد الله، ومنبه بن كامل بن سيج - وقيل: شمخ - من الفرس الذين بعثهم كسرى مع سيف بن ذي يزن لقتال الحبشة. وكان وهب من القراء الفقهاء العلماء بالكتب السالفة.
وكتب وهبٌ إلى عمر بن عبد العزيز وكان على بيت المال: أمَّا بعدُ، فإني افتقدتُ مالا من بيت المال ولا أدري كيف ضاع، فاكتب إليّ كيف رأيك في ذلك. فكتب إليه عمر: أمَّا بعدُ، فإني لستُ أتهمُ دينك ولا أمانتك، ولكنيّ أتهمُ تفريطك وتضييعك، فأنا حجيجُ المسلمين في أموالهم، وإنما لأشحهم عليك يمينٌ، فاحلف، والسلام! وقال وهبٌ في قوله تعالى:(فلنُحْييَنَّهُ حَيَاةً طيّبَةً) ، قال: القناعة. - وقالك كاد كلُّ شيء يكون سبعا: الطواف ورمي الجمار والأيام والأرضون والسموات والبحار وأبواب جهنم وأوديتها، ومابين كلّ سمائين منها مقدار سبعمائة عام، وما بين طرفي الأرض مقدار سبعة آلاف سنة، والبقرَّات سبعٌ، ومكث يوسف عليه السلام في السجن سبعاً، والسنابل الخضر سبع، واليابسة سبع، والحطمة التي حطموا سبع ورزقوا سبعاً، والبلاء الذي أصاب أيُّوب عليه السلام سبع، وأم القرآن سبع، والبلاء الذي خرج فيه نخت نصَّر سبع، وما شقّ الله عزّ وجل في وجه الإنسان سبعة: فمه وعينيه ومنخريه وأُذنيه، ويقع على سبعة إذا سجد: على وجهه ويديه ورجليه ورُكبتيه، وخلق الله الإنسان من سبعة، فقال تعالى:(ولقد خلَقْنا الإنْسَانَ مِنْ سُلالةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطفةً في قرارٍ مكين، ثُمَّ خَلَقْنا النُطفةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنا العَلَقةَ مُضْغةَ فخَلَقْنا المُضْغَةَ عِظاماً فَكَسْونا العِظامَ لَحْماً ثُمَّ أنِشأناهُ خَلْقاً آخر فَتَبَاركَ اللهُ أحسَنُ الخالقين) .
وقال: الدّنيا ثُلُثُ بَرٌّ وثلث بحر وثلُث دابّة تُسمى بهوت، والخلق بنو آدم وبنو إبليس: بنو آدم الثلث وبنو إبليس الثلثان، والثلثان من بني آدم ياجوج ومأجوج، فمن الثلث الباقي ثلاثةُ أثلاثٍ: ثلثُ أندلس وثلثٌ الحبشة وثلث سائر الناس من العرب والعجم والروم والفرس.
قال رجلٌ لوهب: إن فلاناً شتمك. فقال: أما وجد الشيطان بريداً غيرك؟! - وقال: قال لقمان لابنه: يابنيّ، اعلم أنّ أشدَّ العدم عدم العقل وأعظم المصائب مصيبة الدين وأبين المرازي مرزئة الحلم وأنفع الغنى غنى النفس، فتثَّبت في ذلك والزم القناعة والرضا! - وقال: يتشعبُ من العقل عشرة أخلاق صالحة: التفُّهُم والتفقه والتعلم والتفكر والحيلة والإربة والاعتبار والتدبر والازدجار والتنزه.
وقال: ولد لهودٍ أربعة وهم العرب كلّهم قحطان بن هود ومقحط بن هود وقاحط بن هود وفالغ بن هود وهو مضر وقحطان أبو اليمن، والباقون ليس لهم نسل، وأبو هودٍ أول من تكلم بالعربية وهو شالخ بن أرفخشذ ابن سام بن نوح.
وقال: يحشر الخلق يوم القيامة يتكلمون بالسريانية، فمن دخل منهم الجنة تكلم بالعربية. وقال: إذا في الصبي خلقان طُمع في رشده - الحياء والرهبة. وقال: اجتمعت الأطباء على أن رأس الطب الحمية، واجتمعت الحكماء أنّ رأس الحكمة الصمت. - وقال: وجدتُ في التوراة أربعة أسطر متوالياتٍ: من قرأ كتاب الله فظن أن لن يغفر له فهو من المستهزئين بآيات الله، والثاني: من شكا مصيبته فإنما شكا ربَّه عزّ وجلّ، والثالث: من حزن على ما في يديّ غيره فقد سخط قضاء ربه، والرابع: من تضعضع ذهب ثلثا دينه.