قال سفيان: إنما سميت الكوفة بها لأن العرب تُسميَّ كُلَّ أرضٍ سهلة فيها حصباء كويفة. وقال محمد بن القاسم الأنباري: إنما سُميت كوفة لاستدارتها، أخذت من قول العرب: رأيت كوفاناً بضم الكاف وفتحها للرملْة المستديرة، ولاجتماع الناس بها من قولهم: تكوَّف الرجل إذا ركب بعضه بعضاً. وقيل إنها أخذت من الكوفان، يقال: هم في كوفانٍ أي بلاءٍ ةشرٍ " من الوافر ":
وما أضحى وما أمسيتُ إلا ... وإني منكمُ في كوَّفانِ
ويقال: كوَّفه قطعةً من البلاد، ويقال: أعطيته كيفةً أي قطعة، وكفتُ أكيف كيفاً إذا قطعتُ، وكُوفة فُعلةٌ منه.
قال الشعبي: كأن ظهر الكوفة خدُّ العذراء، يُنبت الخُزامي والشيح والأقحوان وشقائق النُعمان كثير العُشب. - ومرّ النعمان بالشقائق، فأعجبته، فقال: من نزع منها فانزعوا كَتِفه! فسميت شقائق النعمان.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الكوفةُ جمجمةُ الإسلام وكنز الإيمان وسيف اللهً ورُمحهُ يضعه حيث يشاء، وأيمُ اللهِ ليُنصرنَّ اللهُ بأهلها في مشارق الأرض ومغاربها كما أنتصر بالحجاز. - وسئل البصريّ عن أهل الكوفة وأهل البصرة: إذا كان الأمر كان أهل الكوفة، بها بيوتات العرب كلّها وليست بالبصرة.
وكتب عمر رضي الله عنه: ياأهل الكوفة، أنتم رأس العرب وجمجمتها، وأنتم سهمي الذي أرمي به إذا خشيتُ من ههنا وههنا، وقد بعثُ إليكم عبد الله بن مسعود معلماً - خيرةً على نفسي وقد أثرتكم به على نفسي وهو من أطولنا فُوقاً كُنيف مُلئ علماً - معلماً ووزيراً، وعمَّار بن ياسر أميراً، فاقتدوا بهما واسمعوا من قولهما! وقال عليّ عليه السلام: مسجد الكوفة رابعُ أربعة مساجد، ركعتان فيه أحبُّ إليّ من عشرين فيما سواه، ولقد غرقت سفينة نوحٍ عليه السلام في وسطه، وفار التنُّور في زاويته اليُمنى والبركة فيه من أثنى عشر ميلاً، وعند الأسطوانة الخامسة صلى إبراهيم عليه السلام، ووسطه على روض من رياض الجنة، وفيه صلى ألف نبي وألف وصي.
قال قطرب ... : نازعني قتادة في الكوفة والبصرة، فقلت: دخل الكوفة سبعون بدرياً وإنما دخل البصرة بدريٌّ واحد. قال قتنادة: دخل الكوفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفٌ وخمسون أظنه. قال: منهم ثلاثون بدريَّا. - وقال ثابتُ البُنانيّ: يقال: فقهُ كوفيٍ وعبادةُ بصريٍ. - ويقال: لاتمار أهل المدينة في المغازي ولا أهل الكوفة في الرأي ولا أهل مكة في المناسك.
قال مسروق: شاممتُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدتُ علمهم انتهى إلى ستة نفر: عمر وعليّ وعبد الله وأُبيٍّ وأبي الدردراء - وفي رواية: أبي موسى - وزيد بن ثابت، شاممتُ هؤلاء فوجدت علمهم انتهى إلى ثلاثة: عليٍّ وعبد الله وأبي موسى، وكان لأهل الكوفة عليٌّ وعبد الله وأبو موسى.
وقال الأحنف بن قيس: نزل أهل الكوفة في زمان كسرى بن هرمز بين الجنان المُلتفة والمياه العذبة والأنهار المطردة، تأتيهم ثمارهم غضَّة لم تخضد. ونزلنا أرضاً هشاشةص طرفٌ في الفلاة وطرفٌ في ملحٍ أجاجٍ في سبخة نشَّاشة، لايجفُ ثراها ولا ينبتُ مرعاها. اللهمَّ إن كان أجلي قد حضرني فاقبضني في هذه البلدة - يعني الكوفة - فإنّ تُربتها كالكافور! - فمات بها ودفن بها رحمه الله تعالى.
أسامي من تضمنهم هذا الكتاب من رواة الكوفة وعلمائها وقرائها