للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد غرست لراحتك ظلا كَأَنَّك بَاقٍ فِيهَا أَو مَا علمت أَن أمكنتها مبدلة وَأَن أغراسها منقلعة وَأَن عمرانها مخربة وَأَن نعيمها زائلة بِمن فِيهَا يَا خضر الخاطئ أَيْن كَانَ قَلْبك سَاعَة غرستها حَتَّى فرغت قَلْبك لغرسها أَيْن كَانَت فكرتك عَن الْآخِرَة أَلَيْسَ قد خلا قَلْبك عَن ذكر الْآخِرَة بِذكر الدُّنْيَا سَاعَة وَإِن السَّاعَة فِي ذكر الْآخِرَة لبلاغا للعاقلين يَا خضر قد ابْتليت بِالدُّعَاءِ لَك من عبودة الرَّحْمَن

قَالَ وَذَلِكَ أَن الْخضر كَانَ لَهُ مَوضِع مَعْلُوم على بعض شواطئ الْبَحْر فَإِذا خرج الْخضر إِلَى الْبر عبد الله تَعَالَى فِيهِ

قَالَ فغرس فِي ذَلِك الْموضع شَجَرَة يعبد الله تَعَالَى فِي ظلّ أَغْصَانهَا إِذا اشْتهى الْعِبَادَة فِيهَا استتر بهَا فِي عِبَادَته فَعلم الله مِنْهُ حب الدُّنْيَا بِقدر مَا اشْتهى من تنزهه بهَا وَإِن كَانَ ذَلِك فِي طَاعَته عاقبه الله تَعَالَى بذلك السَّائِل حَتَّى صَارَت عِبَادَته فِي عبودة عبد من عباد الله وَلم يدر الْخضر أَنه ابْتُلِيَ بذنب حَتَّى سمع مَا سمع من العابد الْقَائِم على ظهر المَاء وَكَانَ اسْمه سادون بن اشى فَلَمَّا سمع الْخضر بذلك خر سَاجِدا وَهُوَ يَقُول يَا رب مَا طلبت بذلك إِلَّا وَجهك ورضاك فَنُوديَ يَا خضر آثرت الدُّنْيَا على الْآخِرَة وفرغت قَلْبك لحبها دون حب الْآخِرَة وَعِزَّتِي مَا لي فِي حبها رِضَاء وَلَا أكْرم من أحبها وَلَو كَانَ لي فِي حبها رِضَاء لخصصت بهَا أوليائي وَلَكِن أزويها عَنْهُم لهوانها عَليّ وكرامتهم لدي أذهب فَلَا مرغب لي فِيمَن رغب فِي الدُّنْيَا وأمكنها من قلبه فلولا مَا أدركك من دُعَاء سادون لأنزلت عَلَيْك بوائقي ولتتابعت عَلَيْك عقوباتي

قَالَ وَذَلِكَ أَن سادون طلبه فِي مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ يسكن فِيهِ أَن يرَاهُ فَلم يره فِي مَقْعَده وَلم يجده فَدَعَا الله أَن يدله على الْخضر ويعلمه مَكَانَهُ وَكَانَ يعرف الْخضر وَالْخضر لَا يعرفهُ

قَالَ فأري أَن الْخضر أحب الدُّنْيَا وزهرتها وعوقب بعقوبة كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>