للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيضعف الالتحام الَّذِي بِهِ التناصر وَذَلِكَ انقص من الاصطناع قبل الْملك

الثَّانِي أَن الاصطناع قبل الْملك يخفي شَأْن تِلْكَ اللحمة بطول الزَّمَان ويظن بِهِ فِي الاكثر النّسَب فتقوى العصبية وَلَا كَذَلِك يعده لقرب الْعَهْد واستواء الاكثر فِي مَعْرفَته فَلَا جرم يتَمَيَّز عَن النّسَب وتضعف العصبية بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا قبل الدولة

شَهَادَة عيان قَالَ ابْن خلدون فَاعْتبر ذَلِك فِي الدول والرياسات تَجدهُ فَكل من كَانَ اصطناعه قبل الْملك والرياسة المصطنعة تنزل بِهِ لشدَّة التحامه بِهِ منزلَة ابنائه وَذَوي رَحمَه وَمن كَانَ اصطناعه بعد لَا يكون لَهُ من اللحمة مَا للأولين

قَالَ هَذَا مشَاهد بالعيان حَتَّى أَن الدولة فِي آخر امرها ترجح إِلَى اصطناع الْأَجَانِب فَلَا يبْنى لَهُم مجد كَمَا للمصطنعين قبلهَا لقرب الْعَهْد حِينَئِذٍ بأوليتهم ومشارفة الدولة على الانقراض فيكونون منحطين فِي مهاوي الضعة

اعلام قَالَ وانما يحمل صَاحب الدولة على إِلَيْهِم فِي الاصطناع مَا يعترى فِي نفوس الصَّنَائِع الْأَوَّلين من التعزز عَلَيْهِ وَقلة الخضوع لَهُ وَنَظره بِمَا ينظر إِلَيْهِ أهل نِسْبَة لتأكد اللحمة مُنْذُ الاعصار المتطاولة بالمربى والانتصار بسلفه والانتظام مَعَ كبراء أهل بَيته فينافرهم لما يحصل بذلك من الدَّالَّة والاعتزاز عَلَيْهِ ويعدل عَنْهُم إِلَى اسْتِعْمَال سواهُم وَيكون عِنْد اتخلاصهم قَرِيبا فَلَا يبلغون رتب الْمجد ويبقون على حَالهم وَهَكَذَا شَأْن الدول فِي أواخرها

<<  <  ج: ص:  >  >>