سورة الأحزاب, ونفذ النبي -عليه السلام- ذلك بذلك العمل الشاق, وهو التزوج بمطلقة زيد بن حارثة الذي كان قد تبناه قبل الإسلام.
ثالثها الحلف والعهد: كان الرجل يقول للرجل: دمي دمك وهدمي هدمك, وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك, فإذا تعاهدا على ذلك فمات أحدهما قبل الآخر, كان للحي ما اشترط من مال الميت.
أما الإسلام قبل نزول آية المواريث, فقد جعل التوارث أولا بالهجرة والمؤاخاة، فكان المهاجر يرث المهاجر البعيد, ولا يرثه غير المهاجر وإن كان قريبا.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤاخي بين الرجلين فيرث أحدهما الآخر، وقد نسخ هذا وذاك واستقر الأمر عند المسلمين بعد نزول أحكام الفرائض على أن أسباب الإرث ثلاثة: النسب، والصهر، والولاء.
ثم إن الإسلام أزال الغبن الذي كان لاحقا بالمرأة في العصر الجاهلي, فإنهم ما كانوا يورثون إلا من يحمل السيف ويدافع عن الأوطان. فلما جاء الإسلام رفع مكانة المرأة وأعلى من قدرها, وجعل لها حقا في الميراث كما للرجل، بل أكد هذا الحق وجعله كأنه قاعدة مسلمة, يرشد إليه قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ١. فإن الله تعالى اختار هذا التعبير لإبطال ما كانت عليه الجاهلية من منع توريث النساء.
ولكنه حين منحها هذا الحق, جعل نصيبها في الميراث على النصف من نصيب من يحاذيها في القرابة من الرجال. وهذا هو الذي تقتضيه الحكمة ويلائم وظيفة كل من الرجل والمرأة في الحياة، ذلك أن الله تعالى وزع أعمال الحياة بين الرجل والمرأة, فخلق الرجل للكفاح والسعي وجعله