قد بينا أن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث, أو إلحاقه بالأحياء تقديرا. فإذا انتفى هذا الشرط فلا توارث بينهما.
فإذا مات اثنان أو أكثر، وكانوا بحيث يرث كل واحد منهما الآخر، كأب وابنه، وكأخوين أو إخوة، أو بحيث يرث أحدهما الآخر دون العكس، كرجل وعمته، وكان موتهم بحادث نزل بهم، كأن انكسرت بهم سفينة فغرقوا، أو انهدم عليهم سقف, أو أصابهم حريق، أو التحموا مع العدو في قتال، أو كان موتهم في وباء، ولم يعلم ولا يعرف أن واحدا بعينه قد تقدم موته، بل تحقق أن موتهم كان معا ولم يعلم أيهم مات قبل الثاني، ففي هذه الحالة يعطى مال كل منهم لورثته الأحياء ولا يرث بعض هؤلاء الأموات من بعض, وهذا هو المفتى به عندنا.
الدليل:
مذهب أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنهم- أنه لا يرث بعضهم من بعض شيئا، وإنما يجعل ميراث كل واحد منهم لورثته الأحياء، وبهذا قضى زيد بن ثابت في قتلى اليمامة حين بعثه أبو بكر لقسمة ميراثهم.
وبه قضى زيد أيضا في موتى طاعون عمواس, حين بعثه عمر -رضي الله عنهما- لقسمة ميراثهم، وبه قضى زيد في قتلى الحرة.