الحكمة ذلك، كما ورد في أولاد الأم فإنه سوَّى بين ذكورهم وإناثهم في الميراث. ومنشأ ذلك أن الصلة التي تجمع بينهم وبين المورث ترجع إلى عاطفة التراحم الناشئة من صلة الأمومة وحدها. تلك بعض حكم الميراث, ولا يصعب على العقل البشري أن يلتمس لكل حكم حكمة وسببا, وإن كان الأساس فيه الرضا بما قسمه الله وارتضاه لعباده, وهو أعدل القاسمين وأحكم الحاكمين.
فإذا تخطى بعض العباد هذه القسمة واحتال لتوزيع ثروته بطرق أخرى, فما ذلك إلا رد لما شرعه الله وزيغ عن الصراط المستقيم، ولو أن للمالك حرية التصرف في ماله يعطي من يشاء ويحرم من يشاء، ولكن ليعلم هذا القاسم على غير ما شرع الله أنه سيخلق بعمله هذا الشحناء, ويورث ورثته العداوة والبغضاء, والشارع جد حريص على صلة الرحم وربط الأسر؛ وبذا تكون الأمة متحدة قوية.