خلف, وجدوا أن الحاجة تستلزم زيادة الشرح, فكتبوا الحواشي والتعليقات لتبسيط ما التبس على المقصرين.
هذا, وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على التعلم والتعليم, فورد عنه -عليه السلام- ما رواه الدارمي والدارقطني: "تعلموا العلم وعلموه الناس، تعلموا الفرائض وعلموها الناس" وفي رواية الترمذي: "تعلموا القرآن والفرائض وعلموا الناس؛ فإني مقبوض". فخصها عليه السلام بالذكر بعد التعميم؛ لمزيد الاهتمام بها, ولأنها تتعلق بإحدى حالتي الإنسان وهي الممات.
ولما كان المرحوم السيد محمد خيري المفتي -تغمده الله برحمته- نبغ بعلم الفرائض دراسة وفهما وتطبيقا بحكم عمله في المحاكم الشرعية, وتوليه أمر حساب الفرائض ومناسخاتها مدة طويلة, مما جعله يلمس ويشعر حاجة أهل عصره الحاضر إلى زيادة تبسيط فيما دوَّنه علماء السلف؛ ليكون سهل المنال لا يحتاج في فهمه وتطبيقه إلى عناء، فألف هذا السفر الذي نظرت بعض أبحاثه فوجدته وافيا بالغرض الذي ابتغاه، فقد أسهب في الشرح ووضع الأمثلة الكثيرة ليعتاد القارئ على حل المسائل دون جهد. وكتابه هذا سهل العبارة, موافق لروح أهل العصر الذين يريدون ويحبون أن ينالوا ما يبتغون دون عناء أو مشقة.
وقد ورد عن النبي, عليه الصلاة والسلام: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له" رواه الترمذي ومسلم وأبو داود.
وقد كان اطلاعي على هذا الكتاب بتكليف من ولده الزميل القاضي النزيه السيد منذر الذي عكف وإخوته على إخراج تراث أبيهم؛ لينتفع به الناس ويستحقوا أجر الساعي إلى الخير.
وكان اختياره لي لمعرفته بالصداقة والزمالة التي كانت تربطني بوالده -رحمه الله- وقد عرفته عالما برا, كيف لا وقد ورث العلم عن آبائه وأجداده, وقد ذكر المؤلف -رحمه الله- نسبه في آخر مؤلفه, وإن كلمة المفتي توحي وتوضح ما كانت عليه عائلته من تضلع بالعلم الشرعي؛ لأن هذا اللقب لا يشتهر به إلا من زاول الإفتاء.
فرحم الله المؤلف, ونفع به, وجعل البركة والرحمة في أولاده, والحمد لله رب العالمين.
مرشد عابدين