المسلم يرث من الكافر بكل سبب من أسباب الميراث؛ بالزوجية وبالقرابة وبالولاء، وحجتهم بالتوريث النص والقياس. أما النص فحديث رواه أبو داود عن معاذ قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:"الإسلام يزيد ولا ينقص" قالوا: ومن زيادته أن تحكم بتوريث المسلم من الكافر وبعدم توريث الكافر من المسلم. وأما القياس فقالوا: إنا رأينا الإسلام يبيح للمسلم أن يتزوج الكتابية ولا يبيح للكتابي أن يتزوج المسلمة، ورأيناه يجيز للمسلم أن يغنم مال الكافر، فكما صح التزوج بنسائهم فإنه يصح إرثهم، وكما صح اغتنام أموالهم بسبب الحرب صح إرثهم بسبب من أسباب الإرث. وقد رد الجمهور استدلال من قال بتوريث المسلم من الكافر وأجابوا على استدلالهم بحديث معاذ بأنه حديث لا يصلح للاحتجاج به؛ لأن فيه راويا مجهولا قبل معاذ, ولو سلمنا صلاحيته للاحتجاج به فإنه لا دلالة فيه على ما ذكر المحتجون به؛ لأن معنى زيادة الإسلام ليس مما ذكروه في شيء, إذ المراد به أن الله يفتح عليه البلاد ويكثر سواد من يعتنقه، ومعنى عدم نقصانه فإنه لا يرتد عنه أحد سخطة له، ومن ارتد عنه لا يضره شيئا. وأما القياس الذي ذكروه فأجابوا عنه بأنه غير سديد لسببين؛ أولهما: أنه لا يلزم من صحة التزوج بنسائهم صحة إرثنا منهم، فإن العبد الرقيق يصح له أن يتزوج الحرة ولا يصح ميراثه منها، وثانيهما: أن مبنى الزواج على الرغبة في التوالد وقضاء الشهوة، وهي ممكنة بالتزوج منهم، وأما الإرث فمبناه على الموالاة والمناصرة بين الوارث والمورث, وليس بين المسلمين والكفار موالاة ولا مناصرة.