للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " إِذا زنت أمة أحدكُم، فَتبين زنَاهَا فليجلدها الْحَد، وَلَا يثرب عَلَيْهَا "، ثمَّ إِن زنت فليجلدها

الْحَد، وَلَا يثرب عَلَيْهَا " أَقُول: السِّرّ فِي ذَلِك أَن الْإِنْسَان مَأْمُور شرعا أَن يذب عَن حريمه الْمعاصِي ومجبول على ذَلِك خلقه، وَلَو لم يشرع الْحَد إِلَّا عِنْد الإِمَام لما اسْتَطَاعَ السَّيِّد إِقَامَته فِي كثير من الصُّور، وَلم يتَحَقَّق الذب عَن الذمار، وَلَو لم يحد مِقْدَار معِين للحد لتجاوز المتجاوز إِلَى حد الإهلاك أَو الايلام الزَّائِد عَن الْحَد، فَلذَلِك قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يثرب ".

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقيلوا ذوى الهيآت عثراتهم إِلَّا الْحُدُود " أَقُول: المُرَاد بذوي الهيآت أهل المروءات، أما أَن يعلم من رجل صَلَاح فِي الدّين، وَكَانَت العثرة أمرا فرط مِنْهُ على خلاف عَادَته، ثمَّ نَدم، فَمثل هَذَا يَنْبَغِي أَن يُجَاوز عَنهُ، أَو يَكُونُوا أهل نجدة وسياسة وَكبر فِي النَّاس، فَلَو أُقِيمَت الْعقُوبَة عَلَيْهِ فِي كل ذَنْب قَلِيل أَو كَبِير لَكَانَ فِي ذَلِك فتح بَاب التشاحن وَاخْتِلَاف على الامام وبغى عَلَيْهِ فان النُّفُوس كثيرا مَالا تحْتَمل ذَلِك.

وَأما الْحُدُود فَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تهمل إِلَّا إِذا وجد لَهَا سَبَب شَرْعِي تندرئ بِهِ، وَلَو أهملت لتناقضت الْمصلحَة وَبَطلَت فَائِدَة الْحُدُود.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُخْدج يَزْنِي " خُذُوا لَهُ عثْكَالًا فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فاضربوا بِهِ ".

اعْلَم أَن من لَا يَسْتَطِيع أَن يُقَام عَلَيْهِ الْحُدُود لضعف فِي جبلته، فان ترك سدى كَانَ مناقضا لتأكد الْحُدُود فانما اللَّائِق بالشرائع اللَّازِمَة الَّتِي جعلهَا الله تَعَالَى بِمَنْزِلَة الْأُمُور الجبلية أَن يَجْعَل كالمؤثر بالخاصية، ويعض عَلَيْهِ بالنواجذ، وَأَيْضًا فان فِيهِ بعض الْأَلَم الميسور لَا ضَرُورَة فِي تَركه.

وَاخْتلف فِي حد اللواطة، وَقيل. هِيَ من الزِّنَا، وَقيل: يقتل لحَدِيث " من وجدتموه يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ ".

قَالَ الله تَعَالَى:

{وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} .

وَفِي حكم الْمُحْصنَات المحصنون بالاجماع، والمحصن حر مُكَلّف مُسلم عفيف من وَطْء يحد بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>