للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج: ص:  >  >>

القاعدة الأولى

١ - العبادات الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقاتٍ مختلفة

اعلم - رحمك الله تعالى - أن العبادات المشروعات نوعان: وذلك التقسيم باعتبار كيفياتها.

الأول: عبادات ليس لها إلا كيفية واحدة لا تتغير ولا تتبدل، فمن أصل شرعيتها شرعت على وجهٍ واحدٍ فقط، كالصلاة المفروضة مثلاً عدد ركعاتها ليس لها إلا وجه وحد، فصلاة الفجر ليس لها إلا كيفية واحدة وكذلك بقية الصلوات المفروضة (١) ، وكذلك صوم رمضان لم يشرع إلا صفة واحدة وهو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.

فهذا النوع من العبادات لا يدخل معنا في هذه القاعدة ولا تعلق له بها؛ لأن الواجب فيه هو فعله على هذه الصفة التي شرع عليها فقط.

والنوع الثاني: عبادات شرعت على كيفيات متنوعة، بحيث ثبت الدليل الصحيح بجواز فعلها على هذه الصفة وهذه الصفة، فهذه العبادات هي مناط قاعدتنا التي نحن بصدد شرحها، فكيف نفعل مع هذا النوع من العبادات؟ هل نقول: إن الشريعة متعارضة لأنها فعلت عبادة واحدة على وجوهٍ متنوعة؟ أو نقول: إننا نبحث عن الكيفية المتأخرة حتى تكون ناسخة لما قبلها من الصفات؟ أو نقول: نرجح بين هذه الكيفيات؟ أم نقول: بأننا نختار صفة واحدة منها وندع الباقي؟ هذه أسئلة تتوجه على هذا النوع من العبادات وإليك الإجابة عنها بالتفصيل:

السؤال الأول: هل الشريعة متعارضة بهذا التشريع؟

الجواب: بالطبع لا، فإننا نعتقد اعتقادًا جازمًا لاشك فيه أنه لا تعارض أبدًا بين الأدلة الشرعية الصحيحة؛ لأنها من عند حكيمٍ حميد، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وإثبات التعارض بينها اختلاف وتناقض يجب تنزيه الشريعة عنه فالكل من عند الله، ولو كان من عند غيره لوجدنا فيه اختلافًا وتناقضًا كثيرًا.


(١) يقيد ذلك بما ذكر لأن في صفات الصلاة القوليه والفعليه ما هو مشروع على وجهين أو أكثر.

ج: ص:  >  >>