ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده) فقوله: (فليغسل) صيغة من صيغ الأمر وهو الفعل المضارع المقرون بلام الأمر، فيدل على أن غسل اليدين بعد الاستيقاظ من نوم الليل خاصة واجب ثلاثًا، لأن الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب إلا بقرينة، ولم تأت قرينة تصرف هذا الأمر عن بابه، فقلنا أنه يفيد الوجوب، والله أعلم.
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس) وقوله لمن جلس يوم الجمعة: (قم فصل ركعتين) متفق عليهما، فقوله:(فليركع ركعتين) أمر فهو على الوجوب، فتكون تحية المسجد واجبة؛ لأنها خرجت مخرج الأمر، والأمر يقتضي الوجوب وهو قول أهل الظاهر وليس ببعيد، لكن رد الجمهور ذلك بأنه قد ورد لهذا الأمر صارف وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن تخطى رقاب الناس يوم الجمعة:(اجلس فقد آذيت) فلو كانت واجبة لما أمره بالجلوس حتى يصليها، ولحديث:(خمس صلوات كتبهن الله على العباد) واقتصاره على هذه الخمس يدل على أن غيرها ليس بواجب، حديث من سأله عن الإسلام فقال:(خمس صلوات في اليوم والليلة) ، وبهذا تكون القاعدة قد اتضحت - إن شاء الله تعالى -، وعلى هذه الفروع قس، والله تعالى أعلى وأعلم.
القاعدة الثالثة والعشرون
٢٣ - من كرر محظورًا من جنسٍ واحد وموجبه واحد أجزأ عن الجميع فعل واحد إن لم يخرج موجب الأول