القاعدة الخامسة:(الغاية لا تبرر الوسيلة إلا بدليل) : أي أن سلامة المقصد لا يعطي الوسيلة المحرمة شرعية وجوازًا، إلا إذا دل الدليل على ذلك، فلا يجوز للإنسان أن يحتج بشرعية الوسيلة المحرمة بمجرد سلامة مقصدها، وذلك كرجل ينظر للنساء الأجانب ويقول: أنا أنظر لهن حتى أتفكر في خلق الله كما أمرني ربي بذلك، فنقول: نعم غايتك سليمة فإن التفكر في مخلوقات الله لتدلك على الله تعالى من المقاصد السليمة المشروعة لكن أنت اتخذت لذلك وسيلة محرمة، ومجرد سلامة مقصدك لا يعطي هذه الوسيلة حكمًا جديدًا بإباحتها؛ لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، فإذًا لابد من النظر حينئذٍ في سلامة المقاصد وشرعية الوسائل، لكن إذا دل الدليل الشرعي الصحيح على إباحة الحرام من أجل سلامة الغاية فهذا يكون مخصوصًا لوحده فقط من حكم هذه القاعدة كالكذب لإصلاح ذات البين والكذب لإنقاذ النفس المعصومة من الهلكة، وكذب الرجل على أهله والكذب في الحرب، كما في الأدلة فهنا جاز الكذب مع أنه حرام لتحقيق هذه المقاصد، فالمقاصد هنا بررت الوسائل وهذا على خلاف الأصل، ولكن بعض أهل العلم حمل لفظ الكذب هنا على التعريض لا حقيقة الكذب، والتعريض يجوز مع الحاجة إليه، فعلى هذا فهذه الفروع لا إشكال فيها، والمقصود أن هذه القواعد تدخل تحت قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد، والله تعالى أعلم.
القاعدة السادسة والأربعون، والسابعة والأربعون
٤٦، ٤٧ - الأصل في العبادات الحظر والتوقيف والأصل في العادات الحل والإباحة (١)
وهذان أصلان عظيمان كل العظمة، مهمان كل الأهمية.
(١) هذه القاعده تدخل في القاعدة الخامسة عشر السابقة، وفي القاعدة الثلاثون السابقة، فلو جمعت الثلاث في قاعدة واحده.