ومنها: من شرب الخمر مرارًا فإنه يكفيه عن جميع شربه السابق حد واحد فقط، لكن إن شرب وحُدَّ، ثم شرب فعليه حد آخر؛ لأن الحد الأول ذهب بموجبه وبقي الثاني بلا موجب ففيه حدٌ آخر، والله أعلم.
القاعدة الرابعة والعشرون
[٢٤ - كل عبادة انعقدت بدليل شرعي فلا يجوز إبطالها إلا بدليل شرعي آخر]
إن العقل لا يستقل بإدراك الشرع فأمور العبادة الأصل فيها هو الحظر والتوقيف على الدليل الشرعي الصحيح. إذا علم هذا فليعلم أن هذه العبادة لا تنعقد إلا بدليل شرعي كالصلاة مثلاً فإنها لا تنعقد إلا بتكبيرة الإحرام، وكذلك الإحرام لا ينعقد إلا بنية الدخول في النسك وهكذا، فإذا انعقدت هذه العبادات بالدليل الشرعي فإنه تثبت أحكامها المترتبة على الدخول فيها، أو على انعقادها وبالتالي فإنه لا يجوز لأحدٍ كائنًا من كان أن يدعي بطلان ما انعقد بالدليل الشرعي إلا بدليل يدل على ذلك الإبطال، وإلا فلا يجوز، بل هو من التحكم في الشريعة بمحض الآراء والتقليد المذموم، فالأصل هو عدم الإبطال فمن ادعاه فعليه الدليل؛ لأنه مخالف للأصل. ولقد قال الله تعالى في ذكر المحرمات:{وَأنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} وقال تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} .
فباب إبطال العبادات باب توقيفي على الدليل، وليس مفتوحًا للشهوات والمذاهب والأقيسة الباطلة، فكل ما أثبته الدليل أنه ناقض لهذه العبادة فهو الناقض وما لا فلا.
إذا علمت هذا فاعلم أن بعض العلماء رضي الله عنهم يجعلون من نواقض بعض العبادات ما ليس منها، وإليك بعض ذلك: