للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في غزوة الفتح فإنه كان يصلي بأهل مكة في مكة ويقول: (يا أهل مكة أتموا فإنا قوم سفر) فلما كان القصر لا يجوز لهم بين ذلك، ولما كان جائزًا ترك البيان، فترك الأمر بالإتمام في الحج دليل على جواز القصر في الحج لأهل مكة، والله أعلم. ومنها: أن بعض أهل العلم حرم أكل الضب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأكله، وهذا ليس بصحيح، بل الصواب جوازه؛ لأنه أكل على مائدته - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر، بل ثبت عنه أنه قال: (إني لا آكله ولا أحرمه) وإنما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لا يؤكل بأرض قومه كما هو مصرح به في بعض الروايات، فلما أكل على مائدته وهو ينظر ولم ينكر دل ذلك على جوازه إذ لو كان حرامًا لبين ذلك؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

ومنها: ادعى بعض أهل العلم - رحمهم الله تعالى - وجوب الزكاة في الخضراوات لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة فيما خرج من الأرض، وقال بعض أهل العلم: ليس في الخضراوات زكاة ويروون في ذلك حديثًا فيه مقال عريض، وقالوا لو كانت الزكاة في الخضراوات واجبة لبين ذلك بيانًا شافيًا كافيًا، فلما لم يبين دل ذلك على عدم وجوبها فيها؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهو الراجح أن الخضراوات ليس فيها زكاة.

وجماع ذلك أن كل من ادعى وجوب شيءٍ أو اشترط شيء أو تحريم شيء وليس عليه دليل فإنه يقال له: هذا لم يبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجب أو فلا يشترط أو فلا يحرم إذ لو كان ذلك كذلك لبينه؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

وعلى هذه الفروع فقس.

القاعدة الثانية والأربعون

[٤٢ - مباشرة الحرام للتخلص منه جائزة]

اعلم أن القاعدة المتقررة عند العلماء أن الحرام لا تجوز مباشرته، أيًّا كان مأكولاً أو مشروبًا أو ملبوسًا أو مركوبًا أو مالاً أو نجاسةً ونحوها كل ذلك لا يجوز مباشرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>