ومنها: أنه نهى عن البراز في قارعة الطريق والظل لئلا يستجلب لنفسه لعنة الناس كما في الحديث.
والفروع كثيرة لا تكاد تحصى كثرة، وقد استفاض فيها الإمام العلامة ابن القيم في كتابه:(إعلام الموقعين عن رب العالمين) ، فإنه قد ذكر تسعة وتسعين وجهًا على ذلك ثم قال بعدها:(وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف فإنه أمر ونهي والأمر نوعان أحدهما: مقصود لنفسه. والثاني: وسيلة إلى المقصود والنهي نوعان: أحدهما: ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه. والثاني: ما يكون وسيلة للمفسدة فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين) ا. هـ كلامه وما ذكرته من الفروع إنما هو منه - فرحمه الله رحمة واسعة -، والله أعلم.
القاعدة التاسعة والثلاثون
[٣٩ - كل حيلة يتوصل بها إلى إحقاق باطل أو إبطال حق فهي حرام]
اعلم أن قاعدة تحريم الحيل وسد أبوابها إنما هي متفرعة من قاعدة سد الذرائع، وهي من كمال الشريعة الإسلامية؛ لأنه كما ذكرنا أن الشريعة إذا سدت بابًا من أبواب المحرمات فإنها تسد جميع الطرق المفضية إليه، لكن علم الله جل وعلا في علمه الأزلي أن بعض الناس لا يسلك الطرق الواضحة للوصول إلى الحرام، وإنما يسلك طرقًا تكون في ظاهرها لا بأس بها لكن هو يقصد بها التوصل إلى الحرام، إما إلى إحقاق باطلٍ أو إبطال حقٍ، فهذا هو الحيلة، وهي في الشريعة حرام بل أشد تحريمًا من سلوك الطرق الواضحة؛ لأن المحتال يخيل لنفسه أن أحدًا لم يعلم بقصده وحيلته، ولا يعلم هذا المسكين أن الله تعالى يعلم السر وأخفى، فهو مخادع لنفسه ومخادع للمؤمنين ومخادع لله تعالى، فهي ظلمات بعضها فوق بعض - والعياذ بالله تعالى -، والأدلة على تحريم الحيل كثيرة جدًا نذكر طرفاً منها على هيئه فروع، فأقول وبالله التوفيق: