إذا عرفت ذلك فعليك بأمرين: أحدهما: أن تثبت على هذا الأصل وتجعله قاعدة وأساساً لك ترجع إليه ولا تتعداه إلا بدليل. الثاني: أن كل من أراد نقلك عن هذا الأصل الذي تقرر لك أنه مطالب بالدليل الناقل عن هذا الأصل، وأما أنت فلا يحق للناقل مطالبتك بالدليل لأنك ثابت على الأصل والدليل على الناقل لا على المثبت للأصل.
وإليك الفروع حتى تتضح القاعدة أكثر:
منها: من ادعى أن هذا القول أو هذا الفعل عبادة لازمة أو مستحبة فعليه الدليل وذلك لأمرين: أحدهما: لأنه يدعي العبادة والأصل عدم العبادة فهو مخالف للأصل ومن خالف الأصل فعليه الدليل. الثاني: أنه بهذا الادعاء يعمر الذمة بشيء من العبادات، والأصل براءتها من ما ادعاه فهو مخالف لهذا الأصل أيضًا ومن خالف الأصل فعليه الدليل. إذًا قول وادعاؤه لا يقبل إلا بالبرهان والبينة.
ومنها: من ادعى أن له على فلانٍ دينًا ولا بينة معه تثبت دعواه ففلان بريء من الدين؛ لأن المدعي يريد أن يعمر ذمة غيره والأصل أن ذمة غيره بريئة، فالمدعي مخالف للأصل ومن خالف الأصل فعليه الدليل، والله أعلم.
ومنها: من ادعى على غيره أنه قذفه ولا بينة معه تثبت دعواه فالمدعى عليه بريء من هذا الإدعاء؛ لأنه بادعائه هذا يعمر ذمته بحق إقامة حد القذف والأصل براءة الذمة من هذا الحق فهو مخالف لهذا الأصل ومن خالف الأصل فعليه الدليل.
وعلى ذلك فقس لوضوحها ووضوح فروعها، والله تعالى أعلى وأعلم.
القاعدة الثالثة عشر
١٣ - الأصل أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر