وإن وجد الماء في الوقت كحديث أبي سعيد. والثاني: أنه صلى بالتيمم والتيمم رافع فإذا دخل في الصلاة فقد دخل بطهارة كاملة وعلى وجهٍ مأمورٍ به شرعًا فإذا تمت صلاته فلا وجه لإبطالها فإذا وجد الماء بعد الصلاة فيبطل تيممه لكن قد انتهى من فعل الصلاة وليس من شروط صحة الصلاة بقاء الطهارة بعد الفراغ، وهذا واضح وأحسب أنه الراجح بالدليل الأثري والنظري.
ونكون بهذا قد أتممنا الكلام على هذه القاعدة العظيمة ونستغفر الله تعالى ونتوب إليه وهو أعلى وأعلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
القاعدة السادسة
[٦ - كل فعل توفر سببه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعله فالمشروع تركه]
اعلم أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤخذ منه تشريع إذا كان المراد به التشريع، وكذلك تركه يؤخذ منه تشريع أيضًا. وهذه القاعدة في تركه، وتفيدنا أن الأفعال التي تيسر فعلها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتركها باختياره أننا نتعبد لله بتركها لأنها لو كانت مشروعة لما تركها، فلما تركها دل على أنها ليست من الشريعة في شيء، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ البلاغ المبين، وأتم الله جل وعلا به الدين، فما ترك خيرًا إلا دلنا عليه، ولا شرًا إلا حذرنا منه، فتركه تشريع كما أن فعله تشريع أيضًا، فهو قدوتنا وإمامنا كما قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أسْوَة حَسَنَةٌ} أي هو قدوتنا في فعله وتركه، فكما أننا نتأسى به في فعله فكذلك علينا أن نتأسى به في تركه، وخاصة الفعل الذي قدر أن يفعله ولم يمنعه من فعله شيء ومع ذلك تركه فيدل ذلك أن المشروع تركه.
وفروع هذه القاعدة كثيرة جدًا لكن نذكر منها ما يدلك على باقيها: فأقول: