ومن ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته) هو عام أيضًا في جميع الأوقات وخص منه ما إذا انتهى من الفعل بالدليل فبقي ما قبل الفعل وفي أثناء الفعل داخل في هذا العموم، فنقول لمن وجد الماء في أثناء الصلاة: اتق الله وأمِسَّه بشرتك، ولأننا رجحنا أن التيمم رافع للحدث رفعًا مؤقتًا حتى يوجد الماء فإذا وجد الماء انتهى حكم التيمم وعاد الحدث كما كان، فإن كان حدثًا أصغر وجب الوضوء وإن كان حدثًا أكبر وجب الغسل بدليل حديث عمران:(خذ هذا وأفرغه عليك) بعد أن قال: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) وللحديث السابق: (فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته) فإذا تيمم لعدم الماء فقد ارتفع حدثه، فإذا دخل في الصلاة فقد دخل بطهارة تامة وعلى وجهٍ مأمورٍ به شرعًا لكن إذا وجد الماء أو قدر على استعماله فإن حكم التيمم يبطل ويعود الحدث كما كان، والصلاة مع الحدث باطلة، فيلزمه قطعها ويكون قطعها على وجهٍ مأمورٍ به شرعًا، ولا يأثم في ذلك ولا يعد مخالفًا لقوله تعالى:{وَلا تُبْطِلُوا أعْمَالَكُمْ}(١) لأن صلاته بطلت بوجود الماء، فيلزمه أن يخرج منها بلا سلام ويتوضأ ويستأنفها، ويقال أيضًا: إننا أجمعنا معكم أنه إذا وجد الماء قبل الدخول في الصلاة أن تيممه يبطل ويلزمه استئناف الطهارة بالماء، فكذلك إذا وجده في أثنائها، فالأصل هو وجود الماء قبل الدخول في الصلاة، والفرع هو وجود الماء بعد الدخول في الصلاة، والعلة هي بطلان التيمم وعود وصف الحدث في كلٍ، والحكم هو أنه كما بطل التيمم قبل الصلاة وعاد وصف الحدث فكذلك يبطل التيمم في أثنائها ويعود وصف الحدث، وهو قياس صحيح، وأما وجه صحة صلاته إذا لم يجد الماء إلا بعد الفراغ من الصلاة فلأمرين: أحدهما: لأن الأدلة دلت على صحة الصلاة
(١) الراجح أن الإبطال في الآية المراد به الردة كما هو واضح من سياق الآيات ومن السنة.