مسألة: اعلم أن المطالبة بفعل المأمور، أعظم من المطالبة بترك المنهي فمخالفة فعل المأمور أشد من ارتكاب المنهي ولذلك قلنا إن ترك المأمورات لا يسقط بالجهل والنسيان وارتكاب المنهي يسقط بالجهل والنسيان، وأضرب مثالاً واحدًا على ذلك فأقول: إن معصية أبينا آدم كانت من قبيل فعل المنهي، ومعصية عدونا إبليس كانت من قبيل ترك المأمور، فقد أمر أبونا آدم بترك الأكل من هذه الشجرة واجتنابها والابتعاد عنها فلما أكل عاتبه الله وعاقبه بالهبوط من الجنة لكنه تاب عليه وعادت حاله بعد التوبة أكمل فتاب الله عليه. أما إبليس فإنه لما قال الله تعالى {اسجدوا لآدم} فإن الملائكة سجدوا جميعًا إلا هو، فخالف الأمر عنادًا وتكبرًا واغترارًا بأصله، فكانت حاله أسوأ حال وحرم من التوبة وطرد ولعن ومسخ على أقبح صورة (١) .
فلذلك قلنا: إن ترك المأمور أشد عند الله من فعل المحظور، والله تعالى أعلم
القاعدة الثامنة
٨ - العدل أكبر مقاصد الشريعة في العقيدة والأحكام
(١) في هذه المسألة نظر أعني المثال لأن آدم اعترف بالذنب وابليس أردف امتناعه بالإعتراض على حكمة الله تعالى، ولأصل المسألة أدلة غير ما ذكر راجعها في فتاوى شيخ الإسلام.