ومنها: إذا باعه شيئًا واشترط المشتري أن له الخيار مدة سنة فإن جاء البائع بالثمن في هذه المدة انفسخ البيع بيننا، فهذا صورته بيع وخيار شرط لكنه حرام؛ لأن حقيقته أنه قرض جر نفعًا؛ لأنه أعطاه ثمن الدار على أنه قرض وسكن داره هذه المدة وهو لا يقصد حقيقة البيع فهو قرض جر نفعًا وكل قرضٍ جر نفعًا فهو ربا.
ومنها: نكاح التحليل وتقدم تفريعه في الأدلة.
ومنها: بيع العينة فإن ظاهره أنه بيع بألفاظ البيع وشروطه المعتبرة لكنه حرام نظرًا إلى مقاصد المتعاقدين، فالبائع يريد التوصل إلى الزيادة الربوية بهذا العقد فحرم من أجل هذا القصد الفاسد، فحقيقتها أنها دراهم بدراهم بينهما سلعة.
ومنها: الشريك إذا أهدى شقصه لغير شريكه ويقصد بذلك إبطال حق الشفعة فإنه لا يسقط ولشريكه الشفعة فيه مع أن الظاهر أن هذا عقد هبة لكن لما ظهر من نيته وقصده إرادة المضارة عاملناه بنقيض قصده، وعلى ذلك فقس.
ومنها: اشتراط الثواب في الهبة - أي دفع العوض - فإن الصورة والألفاظ تقضي أنها هبة لكنها في حقيقتها أنها بيع فتأخذ أحكام البيع وعلى ذلك فقس، والله أعلم.
القاعدة التاسعة والأربعون
٤٩ - من لا يعتبر رضاه لفسخ عقدٍ أوحَلهِ لا يعتبر علمه به
إن العقود من حيث لزومها وعدمه تنقسم إلى ثلاثة أقسام وذلك بالاستقراء:
الأول: عقود لازمة من كلا الطرفين بحيث لا يستطيع أحدهما فسخها إلا برضا الآخر كعقد البيع بعد لزومه والإجارة والسلم ونحوها، فهذه عقود إذا لزمت فإنه لا يتمكن أحد الطرفين من فسخها إلا إذا رضي الطرف الآخر، فهذه العقود لا تدخل معنا في هذه القاعدة، وحكمها اللزوم من الجانبين ولا تفسخ إلا برضاهما.