الثاني: عقود جائزة من قبل الطرفين كليهما، بحيث يجوز لكل واحدٍ منهما فسخها متى شاء ولا يشترط لفسخها رضا الطرف الآخر كالوكالة والجعالة والوديعة والعارية فيجوز لكل واحدٍ من الطرفين فسخ هذا العقد متى أحب ولو لم يرض صاحبه.
الثالث: عقود لازمة في حق أحدهما جائزة في حق الآخر،كالرهن فهو لازم في حق الراهن جائز في حق المرتهن، وكذلك النكاح فهو لازم من جهة الزوجة جائز من جهة الزوج، وكذلك الضمان والكفالة فهي لازمة في حق الكفيل والضامن جائزة من جهة صاحب الحق، وكذلك البيع في حق من له خيار الشرط فإنه جائز في حقه لازم في حق الآخر، وأيضًا الشفعة لازمة في حق الشريك البائع لشقصه وجائزة في حق شريكه الآخر وهكذا، وحكم هذا النوع من العقود أنه يسوغ لمن هو جائز في حقه فسخه أو حَلُّه متى شاء ولو لم يرض الآخر وأما الطرف الآخر فلا يجوز له فسخه أو حله إلا برضا صاحبه.
إذا علمت هذا فاعلم أن هذه القاعدة يدخل تحتها النوع الثاني والثالث فقط لا النوع الأول، وحينئذٍ فمعناها: أن العقود الجائزة من الطرفين أو من أحدهما يجوز لمن له حق الفسخ أن يفسخها ولو لم يرض الآخر، فرضاه ليس بشرط في صحة فسخها أو حلها، فإذا كان رضاه لا يعتبر ولا يؤثر، فكذلك إذًا علمه أيضًا لا يشترط ولا يؤثر في صحة فسخها، ذلك لأن الفسخ صحيح وإن لم يرض، أي سواءٌ رضي أم لم يرض فلا أثر لذلك، فإذا كان لا أثر لرضاه أصلاً فلماذا يتوقف فسخها على علمه، فإنه إذا سقط اشتراط الرضا فمن باب أولى لا يشترط العلم لأنه سواءً علم بالفسخ أم لم يعلم لا يؤثر ذلك شيئًا لا في الفسخ ولا في الحِلَّ، فكل من لا يعتبر رضاه فإنه حينئذٍ لا يعتبر علمه، هذا هو شرح هذه القاعدة، وإليك بعض فروعها حتى تتضح أكثر فأقول: