للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم أن المحرمات عندنا قسمان: إما محرم شرع فيه كفارة أو حد، وإما محرم لا كفارة فيه ولا حد. والأصل عدم الكفارة إلا بدليل، وهذه القاعدة في المحرمات التي توجب كفارة أو حدًا، وذلك كالجماع في شهر الصيام نهارًا، ومحظورات الإحرام، والسرقة، والزنى، وقطع الطريق، والحنث في اليمين والنذر والظهار، ونحو ذلك من الأفعال المحرمة. فهذه الأشياء يترتب على فعلها حد أو كفارة، فإذا فعلها الإنسان فإنه يجب عليه أثرها من حدٍ أو كفارة. لكن ما الحكم لو كررها مرةً أخرى فهل يلزمه كفارة أخرى أو حد آخر أو لا؟ هذا هو مناط قاعدتنا فأقول:

إذا فعل الإنسان محظورًا مما مضى ثم فعل محظورًا آخر فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون المحظور الثاني من جنس المحظور الأول أي سرقة وسرقة، أو زنى وزنى، أو يمين على شيء معين ثم كرره مرة ثانية، أو قطع الطريق مرارًا. وإما أن يكون المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول، كسرقة وزنى، أو قطع طريق وقتل وهكذا. فإن كان المحظور الثاني من غير جنس المحظور الأول فإن فعل المحظور الثاني يوجب شيئًا جديدًا وهو أثره من حدٍ أو كفارة فيكون عليه حدان أو كفارتان، حد أو كفارة للمحظور الأول، وحد أو كفارة ثانية للمحظور الثاني، فإذا زنى البكر وسرق وجب عليه جلد مائة وتغريب عام وقطع يده اليمنى، وإذا جامع في نهار رمضان وحلق شعره وهو محرم وجب عليه كفارة الجماع، وكفارة المحظور وهكذا.

أما إذا كان المحظور الثاني من جنس المحظور الأول فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون قد أخرج موجب الأول قبل فعل الثاني أو لا، فإن كان قد أخرج موجب الأول قبل فعل المحظور الثاني فإن فعل الآخر يوجب كفارة أو حدًا آخر، فمن سرق ثم قطع ثم سرق مرة أخرى فإنه يجب عليه قطع آخر، ومن زنى ثم أقيم عليه الحد ثم زنى مرة أخرى فإنه يجب عليه الحد مرة أخرى هذا إذا كان بكرًا، أما الثيب فحده الرجم وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>