ومنها: المأموم تابع لإمامه في الصلاة فإذا سها الإمام فعليه وعلى من خلفه لكن لو سها المأموم فإنه لا يفرد بحكم بل يتحمله الإمام، وكذلك لا يجوز للمأموم أن يسابق الإمام أو يوافقه في أفعال الصلاة وإنما الواجب المتابعة؛ لأنه تابع له، ولو مَرَّت امرأة أو كلب أسود أو حمار بين يدي الإمام بطلت صلاته وصلاة من خلفه وإن مرت بين يدي المأمومين لم تبطل صلاتهم؛ لأنهم تبع للإمام، ولذلك قضت السنة أن سترة الإمام سترة لمن خلفه وأن الإمام جُنَّة للمأمومين وكل ذلك مفرع على قاعدة التابع في الوجود تابع في الحكم فإن قلت: فما الحكم لو صلى الإمام محدثًا ولا يعلم به المأموم فهل تبطل صلاتهم أعني صلاة المأمومين؛ لأنهم تبع له أم لا؟ وإذا كان الجواب لا؟ فما الذي فصل التابع عن متبوعه في هذه الحالة؟
فالجواب: فيه خلاف بين العلماء، والمذهب أن من صلى محدثًا فإن صلاته تبطل وكذلك صلاة من خلفه تبطل؛ لأنهم تبع له ولأن كل من لم تصح صلاته في نفسه لم تصح بغيره، والمحدث لا تصح صلاته لنفسه فلم تصح بغيره، وهذه هي الرواية المشهورة.
والرواية الثانية: أن صلاة المأموم تصح إن لم يعلم بحدث إمامه وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن الله تعالى لم يكلف المأموم أن يتأكد من طهارة إمامه؛ ولأن عمر - رضي الله عنه - صلى بأصحابه الفجر ثم رأى أثر جنابة فأعاد هو ولم يأمر أحدًا بالإعادة، وكذلك يروى هذا عن عليٍ - رضي الله عنه -؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الأئمة:(يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم) وهذا القول هو الذي لا يسع الناس العمل بغيره، وأما وجه الفصل بين التابع ومتبوعه على هذا القول فهو ما مرَّ من الأدلة، والله أعلم.