ومنها: إجماع الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم - على تحريم الحيل وإبطالها وإجماعهم حجة قاطعة، بل هي من أقوى الحجج وآكدها، فقد ثبت عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا أوتى بمحللٍ ولا محللٍ له إلا رجمتهما) ولم ينكر عليه أحد وأفتى عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر أن المرأة لا تحل بنكاح تحليل ظن وغيرهم في صور كثيرة ينهى فيها الصحابة على سلوك الحيل ويشددون فيها تشديدًا بالغًا مما يدل على اتفاقهم على ذلك.
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنسٍ الطويل في مقادير الزكاة:(ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة) وهذا نص في تحريم الحيلة المفضية إلى إسقاط الزكاة أو إنقاصها، فمثال الأولى: أن يكون ثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاةً متفرقة فيجمعوها لتكون مائة وعشرين فلا يخرجون منها إلا شاةً واحدة فقط، فرارًا منهم من إخراج ثلاث شياة؛ لأن في كل أربعين شاةً شاةٌ، ومثال الثانية: أن يشترك اثنان في أربعين شاة لكل واحد منهما عشرون، فيفرقون مالهم حتى لا يجب عليهم شيء فرارًا من وجوب الواحدة، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك سدًا لباب الحيل المحرمة.