للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن يكون داخلاً تحت قدرة المكلف واستطاعته فهذا لا يخلو إما أن لا يكون مطالبًا بتحصيله أو يكون مطالبًا بذلك، فإن لم يكن مطالبًا بتحصيله فهذا لا يدخل تحت قاعدتنا (١) وذلك كتحصيل النصاب لوجوب الزكاة، والإقامة لوجوب الصوم ونحو ذلك، وإن كان داخلاً تحت قدرة المكلف ومأمورًا بتحصيله فهذا هو المراد بهذه القاعدة، وخلاصة الكلام أن يقال: يشترط لتحقق هذه القاعدة شرطان: أن يكون الفعل داخلاً تحت قدرة المكلف، وأن يكون المكلف قد أمر بتحصيله، أي أن الفعل الذي لا يتم الواجب إلا به لا تعلق له بالوجوب أصلاً، بل له تعلق بالصحة مثلاً أو بإقامته ونحو ذلك وبالمثال يتضح المقال: فمن الأمثلة: الطهارة للصلاة، فإنه لا تتم الصلاة إلا بالطهارة الكاملة فتكون الطهارة مأمورًا بها لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لكن لو لم يتطهر العبد فإن عدم تطهره لا يؤثر في إسقاط الصلاة، فالصلاة واجبة سواءً تطهر أم لم يتطهر لكن لا تصح الصلاة إلا بالطهارة الكاملة.

ومنها: المشي لصلاة الجماعة، فإن الصلاة مع الجماعة واجبة، للأدلة من الكتاب والسنة وهو القول الراجح، لكن لا تتم الصلاة الجماعة إلا بالمشي إلى المساجد لتقام الجماعة فيها فصلاة الجماعة واجب يتوقف حصوله على المشي لها فصار المشي واجبًا؛ لأنه لا يقوم هذا الواجب إلا به، والمشي للصلاة وسيلة لإقامة الجماعة فكان واجبًا؛ لأنه يقصد به تحقيق الواجب فالوسائل لها أحكام المقاصد.

ومنها: الأكل من الميتة للمضطر لإحياء نفسه واجب يأثم بتركه، مع أن الأكل في أصله مباح لكنه لما كان في هذه الحالة وسيلة لواجب الذي هو إحياء النفس صار واجبًا؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.


(١) بل هو داخل في قاعدة: ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>