للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: لاشك أن الكتابة بالقلم من باب الكرامات التي امتن الله بها علينا فقال تعالى عن نبيه عيسى - عليه السلام -: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاة وَالإنجِيلَ} وقال تعالى: {ن * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} وغيرها فإذا تقرر أنها من باب الكرامات والفضائل فلاشك أن الأفضل فيها تقديم اليمين ولعل هذا يستفاد بدلالة الإشارة من قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} ، والله أعلم.

ومنها: حلق الشعر في الحج أو العمرة يسن للإنسان أن يبدأ فيه بجانبه الأيمن ثم الأيسر؛ لأنه من باب العبادات، وقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فعن أنس - رضي الله عنه -: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق: (خذ) وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس) رواه مسلم، ويقاس عليه أخذ شعر الإبطين وحف الشارب وأخذ شعر العانة فيبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر.

ومنها: صفوف الصلاة هل الأفضل فيها التيامن أو التياسر؟

الجواب: لاشك أن الأفضل أن يقف الإنسان عن يمين الإمام وذلك لما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) (١) ؛ ولأن العلماء أجمعوا فيما أعلم على أفضلية ميامن الصفوف، وهذا الفضل فيما إذا لم يلزم منه البعد عن الإمام مع الدنو له عند التياسر، بمعنى إذا تعارض التيامن مع البعد، والتياسر مع القرب، فلاشك أن الثاني هو الأفضل لثبوت الأدلة الصحيحة الدالة على فضل الدنو من الإمام؛ والله أعلم، وعلى ذلك فقس.


(١) هذا الحديث ضعيف ويغني عنه حديث البراء " كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم أحبنا أن نكون عن يمينه حتى يقبل علينا بوجهه " رواه مسلم وأبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>