للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الفوائد أيضًا: أن طالب العلم الفقيه بالأصول لا يمكن أبدًا أن تضطرب فتواه؛ لأنه سيفتي بالبقاء على الأصل في جميع المسائل التي لم يرد فيها ناقل، وأما ما ورد فيه ناقل فإنه يفتي بمقتضى هذا الناقل، فهذه الفوائد وغيرها مما لم يذكر لم تكن لتحصل للعالم ولطالب العلم لولا أنه عرف هذه القاعدة معرفة جلية بأدلتها وفروعها، وأنا أشرحها لك شرحًا ميسرًا مفهومًا - إن شاء الله تعالى - فأقول: قوله (الأصل) أي المتقرر عند العلماء جملة (هو البقاء) أي الثبوت والاحتجاج (على الأصل) أي على الأمر الذي قررته الأدلة النقلية أو العقلية (حتى) هو حرف غاية (يرد) أي بدل الدليل (الناقل) أي الذي تركنا الأصل بسببه، وهو الدليل الشرعي خاصة، ومعناها الإجمالي: أننا إذا تقرر عندنا أصل من الأصول فإن الواجب علينا هو البقاء عليه، حتى يرد لنا دليل آخر مستقل ينقلنا عن حكم هذا الأصل، فإذا ورد هذا الدليل الناقل لنا عن الأصل انتقلنا معه وتركنا حكم الأصل في هذه الجزئية التي دل عليها الدليل فقط لا في غيرها، بل يبقى ما لم يدل على إخراجه دليل على حكم الأصل، ثم اعلم أن الأصول في الفقه كثيرة جداً وعلى طالب العلم أن يحوزها جملة وتفصيلاً فإن حوزها وحفظها وإتقانها أنفع للطالب من حفظ المتون النثرية إن لم يجتمعا وإن اجتمعا فنور على نور يهدي الله لنوره من يشاء.

ثم اعلم أن مظانها كتب قواعد الفقه وهي كل قاعدة تصدر بكلمة (الأصل) فيقال الأصل في كذا وكذا كذا وكذا، وأنا أذكر لك جملة منها بفروعها - إن شاء الله - حتى تغتبط بها، ويغنيك هذا الكتاب عن غيره. والمهم أن تعرف الآن أمرين مهمين: أحدهما: أنه يجب الثبات على الأصل حتى يرد الدليل الناقل. الثاني: أن كل من ادعى خلاف الأصل فعليه الدليل، فالدليل يطلب من الناقل عنه لا من الثابت له.

<<  <  ج: ص:  >  >>