وإما أن لا يسوغ ذلك، فإن ساغ جمعها في فعلٍ أو وقتٍ واحد فلا بأس أن تفعل جميعًا في وقتٍ واحد كأذكار الركوع والسجود ونحوها (١) ، وإن كان جمعها في فعلٍ أو وقتٍ واحدٍ لا يجوز فإننا نفردها فنفعل هذه العبادة على صفاتها المتنوعة في أفعالٍ أو أوقاتٍ متعددة كالأذان والإقامة على ما سيأتي توضيحه - إن شاء الله تعالى -، إذا علمت هذا فإلى الفروع حتى تتضح القاعدة ويزول الإشكال: فأقول:
منها: الأذان: فهو عبادة وردت بصفتين لا ثالث لها، الصفة الأولى: أذان بلال. والصفة الثانية: أذان أبي محذورة، فأذان بلال هو الوارد في حديث عمر الطويل الذي رواه مسلم، وفي حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وهو أذاننا المشهور في بلادنا السعودية – حفظها الله في طاعته – وليس فيه ترجيع، وأما أذان أبي محذورة فقد رواه مسلم وأصحاب السنن إلا أن مسلمًا ذكر التكبير في أوله مرتين ورواه الخمسة فذكروه مربعًا، وهو بترجيع، والترجيع هو قول الشهادتين بصوت منخفض يسمعه القريب ثم إعادتهما بصوتٍ مرتفع يسمعه البعيد، وهو الأذان المشهور في الدولة العثمانية في زمنها، فإذًا السنة هو أن نؤذن بأذان أبي محذورة في وقتٍ أو قطرٍ ونؤذن بأذان بلال في وقتٍ آخر أو قطرٍ آخر ولا يجوز أن يؤذن المؤذن الواحد في الوقت الواحد بأذانين بهذا وبهذا فهذا من البدعة ولكن يُؤَذِّن بهذا تارة وبهذا تارة وهذا واضح.
(١) الإستنتاجات لايشرع جمعها، وألفاظ التشهد وألفاظ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خلافاً لبعض أهل العلم، كالنووي رحمه الله.