أحدهما: أن أبا هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري، تركته وشركه) رواه مسلم. فقوله:(أشرك معي فيه غيري) يدل على أن النية فيها تشريك أي أنه جعل مع الله شريك في هذا العمل ومن فعل ذلك فجزاؤه أن يتركه الله وشركه، أي أن عمله هذا غير مقبول.
الثاني: أن كلمة الإخلاص في قولنا: (مبنى الأعمال على الإخلاص) تفيد التخلص من غير قصد القربة لله تعالى، فلا يقصد إلا القربة، فنيته خالصة من الشوائب وإذا نوى الإنسان مع الله غيره فإنه نيته لم تخلص وإنما شركت، فتخلف الإخلاص فلا يقبل بدونه العمل، وسيأتي تفصيل ذلك في آخر القاعدة - إن شاء الله تعالى -، والمهم: أن الإخلاص شرط من شروط صحة العمل. ثم اعلم أن النية نيتان: نية إيقاع العمل، ونية القربة لله بهذا العمل، فأما الأولى: فلا يتصور تخلفها عن عاملٍ أبدًا إذ هي من ضروريات العمل فإن كل من أراد عملاً نوى عمله قبل الدخول فيه وهي المرادة بقولنا: (النية تتبع العلم) فمن علم أنه يعمل كذا فقد نواه، وهذه شرط في صحة العمل، حتى قال بعضهم:(لو كلفنا الله أن نعمل عملاً بلا نية لكلفنا بالمحال) . وأما النية الثانية: فهي النية المقصودة بالإخلاص التي مدار قبول الأعمال عليها وهي التي يحصل بها الثواب وهي المرادة بالقول: (نية المرء أبلغ من عمله) وهي التي لا يصح التشريك فيها، فيجب على كل من عمل عملاً أن ينوي به القربة إلى الله تعالى وامتثال أمره، والله تعالى أعلم.